التجميد هو تقنية بيولوجية ذات إمكانات كبيرة يمكنها الحفاظ على الخلايا أو الأنسجة أو الأعضاء بشكل فعال. مبدأها الأساسي هو تجميد المواد البيولوجية إلى درجات حرارة منخفضة للغاية (مثل -80 درجة مئوية أو -196 درجة مئوية)، وبالتالي إيقاف عملية التمثيل الغذائي للخلايا بشكل فعال وتقليل الضرر الذي يلحق بالمواد البيولوجية. ولا تقتصر إمكانات هذه التكنولوجيا على النقل لمسافات طويلة أو التخزين طويل الأمد للعينات البيولوجية، بل تشمل أيضًا إمكانية إنشاء بنوك للعينات. ومن بين هذه الكائنات، فإن بعض الكائنات الحية التي ألهمت تقنية التجميد تأتي من الطبيعة، مثل الأشجار، وضفادع الخشب، وحيوانات بطيئات الخطو. لقد لعبت هذه الكائنات الحية ذات المقاومة الفريدة للبرد دورًا مهمًا في تطوير تقنية التجميد.
إن إحدى الخطوات المهمة في تقنية المواد الواقية من التجمد هي إضافة جزيئات تسمى المواد الواقية من التجمد (CPAs) إلى المادة لتقليل الصدمة الأسموزي والإجهاد البدني الذي تتعرض له الخلايا أثناء عملية التجميد.
يعتبر ضفدع الخشب من المخلوقات المذهلة التي تستطيع تحمل تجميد دمها وأنسجتها. ويفعلون ذلك عن طريق تجميع اليوريا قبل حلول فصل الشتاء، مما يحمي خلاياهم من التلف عندما تتشكل بلورات الجليد بداخلها. أجرى عالم الأحياء الدكتور كينيث ب. ستوري بحثًا معمقًا حول ظاهرة "الضفدع المتجمد" وكشف المبادئ البيولوجية وراء هذه الظاهرة.
"تستطيع ضفادع الخشب البقاء على قيد الحياة في حالات التجمد/الذوبان العديدة طالما أن نسبة الماء المتجمد في أجسامها لا تزيد عن 65%."
تُعرف بطيئات الخطو أيضًا باسم "الدببة المائية"، وهي تقاوم التجمد عن طريق استبدال جزء كبير من مياهها الداخلية بسكر يسمى تريهالوز، والذي يمنع تشكل بلورات الجليد. إن الخصائص التي تتمتع بها هذه الكائنات الحية لا تثير فضول العلماء فحسب، بل توفر أيضًا حلولاً محتملة لكيفية تطوير تقنيات جديدة للحماية من التجمد.
في عام 1967، أصبح جيمس بيدفورد أول إنسان يتم تجميده وإعادته إلى الحياة، وهو الحدث الذي شكل تحديًا جديدًا لتكنولوجيا التجميد العميق.
على الرغم من التطور السريع لتكنولوجيا التجميد، إلا أنها لا تزال مصحوبة بالعديد من المخاطر. على سبيل المثال، قد تتسبب بلورات الثلج المتكونة أثناء عملية التجميد في تلف الخلايا. ومع ذلك، فإن العديد من الظواهر مثل تأثيرات المحلول، وجفاف الخلايا، وتكوين بلورات الجليد داخل الخلايا تجعل تطبيق هذه التكنولوجيا صعباً.
مع تطور تكنولوجيا التجميد، تمكن العلماء من تطوير سلسلة من الأساليب الفعالة للتغلب على الضرر الناجم عن عملية التجميد. ومن بينها، تُستخدم على نطاق واسع تقنية التجميد البطيء القابل للبرمجة، وتتضمن عمليتها تبريد الخلايا ببطء إلى -196 درجة مئوية على مدار عدة ساعات. وهذا لا يسمح للخلايا بتصريف الماء تدريجيًا فحسب، بل يقلل أيضًا من الضرر الميكانيكي للغشاء الخلوي الناجم عن تكوين بلورات الجليد.
"من خلال التحكم الصارم في معدل التبريد واستخدام المواد الواقية من التجمد المناسبة، نجحت العديد من العينات البيولوجية في الحفاظ على وظيفتها وقابليتها للبقاء."
من ناحية أخرى، يمكن لظهور تقنية التزجيج أن يمنع بشكل فعال تكوين بلورات الجليد أثناء عملية التجميد. وقد قدم هذه التقنية جريج فاهي وويليام ف. رال في مجال الحفظ بالتبريد التناسلي في ثمانينيات القرن العشرين، مما أدى إلى تحسين معدلات البقاء بشكل كبير. معدل الخلايا والأنسجة.
إن نطاق تطبيق تقنية التجميد واسع للغاية، بدءًا من الحيوانات المنوية والأجنة إلى البيض وحتى أنسجة النباتات، حيث يمكن الحفاظ عليها جميعًا عن طريق التجميد. ليس هذا فحسب، بل إن دور هذه التقنية في مجال المساعدة على الإنجاب والطب الإنجابي أصبح أكثر أهمية على نحو متزايد، مما يجلب المزيد من الأمل فيما يتعلق بالخصوبة البشرية.
وتساهم تقنية التجميد أيضًا بشكل كبير في حماية التنوع البيولوجي والحفاظ على بذور النباتات. اليوم، يعمل العديد من المنظمات الخضراء والعلماء في جميع أنحاء العالم على كيفية الحفاظ على الموارد البيئية بشكل أكثر فعالية استجابة للتهديدات التي يفرضها تغير المناخ والأنشطة البشرية."على سبيل المثال، من خلال التجميد، كانت هناك حالات تم فيها الحمل بالأجنة بنجاح وولادتها بشكل طبيعي بعد 27 عامًا."
مع التقدم المستمر في العلوم والتكنولوجيا، لا يسعنا إلا أن نتساءل عما إذا كانت تكنولوجيا التجميد قادرة على تحقيق إعادة إحياء الكائنات الحية بالكامل في المستقبل. كيف سيغير هذا فهم البشر لطبيعة الحياة وموقفهم تجاهها؟ طبيعة؟