يتم تعريف التخصصات والاعتراف بها من قبل المجلات الأكاديمية والجمعيات الأكاديمية والأقسام الأكاديمية، وهو جوهر تطور التخصصات
إن مفهوم التخصص الأكاديمي له تاريخ طويل. في وقت مبكر من عام 1231، كانت جامعة باريس تضم أربع كليات: اللاهوت، والطب، والقانون الكنسي، والفن. ومع تطور المجتمع الأكاديمي، بدأ تعريف التخصص يتبلور تدريجياً، وبدأ يحظى بالاعتراف على نطاق واسع في الجامعات الألمانية في القرن التاسع عشر. يمكن إرجاع أسس العديد من التخصصات إلى أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، عندما بدأ التعليم الجامعي يبتعد عن اللغات والأدب الكلاسيكي التقليدي ويتوسع في العلوم الاجتماعية والطبيعية.
مع تطور العصر، تستمر التخصصات الجديدة في الظهور. على سبيل المثال، في السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين، كان ظهور دراسات المرأة، ودراسات الإعلام، والدراسات الأفريقية الأمريكية على وجه الخصوص بمثابة علامة على توسع وتنوع المجالات الأكاديمية. وقد أصبح مشهد التخصصات الأكاديمية متنوعا بشكل متزايد، مما يعكس القضايا والمشاكل التي تهم بلدانا مختلفة وفترات زمنية مختلفة.
من تعميم الأوساط الأكاديمية إلى المجتمعات المهنية في الشركات والحكومات، يتوسع تأثير التخصصات طوال الوقت
في البيئة الأكاديمية الحديثة، أصبح التواصل المتبادل بين التخصصات أمرا مهما بشكل متزايد. يؤكد ظهور البحث متعدد التخصصات على الجمع بين المعرفة من مختلف التخصصات ويعزز التعاون بين مختلف المجالات. لم تكن الحاجة إلى البحث متعدد التخصصات أكثر أهمية من أي وقت مضى عندما يتعلق الأمر بمعالجة أكبر التحديات العالمية اليوم، مثل تغير المناخ والصحة العامة. لا تساعد هذه التعاونات متعددة التخصصات في حل مشاكل محددة فحسب، بل تعمل أيضًا على تعزيز الابتكار وفتح إمكانيات جديدة للتطوير المستقبلي.
على سبيل المثال، يسمح دمج التخصصات مثل الكيمياء الحيوية والجيوفيزياء للباحثين بتحليل المشكلات من منظور أوسع، وكما هو موضح في المقال "إنتاج المعرفة الجديدة: ديناميكيات العلوم والبحث في المجتمع المعاصر"، فإن هذا البرنامج متعدد التخصصات ويوفر تكامل التخصصات أيضًا الدعم للابتكار.تستخدم العديد من المجتمعات المهنية مفاهيم متعددة التخصصات لتعزيز تدفق المعرفة وتطبيقها
بالإضافة إلى ذلك، واجه تقسيم التخصصات أيضًا انتقادات مختلفة. على سبيل المثال، اقترح ميشيل فوكو في كتابه "الانضباط والعقاب" أن تشكيل الانضباط لا ينفصل عن آليات السيطرة في المجتمع الحديث. كان يعتقد أن اختلاف التخصصات يعكس بنية المجتمع إلى حد ما ويقسم ويعيد تنظيم سلوك الأفراد. هل يعني هذا أن التقسيمات التخصصية لا تساهم في تطوير المهن فحسب، بل تشكل أيضًا، إلى حد ما، حدودًا للمعرفة؟
في البيئة الأكاديمية الحالية، أصبح التعاون والابتكار بين التخصصات المختلفة اتجاهات مهمة لتطور التخصصات. لم يعد البحث العلمي يقتصر على التخصص في مجال معين، بل يتطلب استخدام وجهات نظر متعددة لتحليل المشكلات. وقد دفع هذا الاتجاه المجتمع الأكاديمي إلى إعادة التفكير في حدود وموقع التخصصات والنظر في هياكل معرفية أكثر انفتاحا، وتعزيز التكامل المتبادل للمعرفة.
فهل يمكن إذن لتصنيف التخصصات الأكاديمية أن يحافظ على استقراره في ظل البيئة المهنية المتغيرة باستمرار والمتطلبات الاجتماعية؟ أم أننا بحاجة إلى نظام أكثر مرونة وانفتاحا لإعادة توجيه تدفق المعرفة وتطبيقها؟