الكريل (Euphausia superba) هو قشريات صغيرة تعيش في مياه القارة القطبية الجنوبية، ومع ذلك فإن وجودها يرتبط ارتباطًا وثيقًا بكل الكائنات الحية الأخرى على الأرض. بفضل كتلته الحيوية المذهلة، يعتبر الكريل أحد أكثر أنواع الحيوانات وفرة على وجه الأرض، إذ يصل إجمالي وزنه إلى حوالي نصف مليار طن! لا شك أن هذا الرقم يمنحنا فهماً جديداً لمدى تعقيد النظام البيئي في القارة القطبية الجنوبية وأهميته في السلسلة الغذائية للأرض.
"إن الكتلة الحيوية للكريل تعادل مجموع سكان العالم البشري، وهذا مجرد جزء بسيط من وجودهم في النظام البيئي في القارة القطبية الجنوبية."
موسم التكاثر الرئيسي للكريل هو من يناير إلى مارس من كل عام، وخلال هذا الوقت تتكاثر على الجرف القاري وفي مناطق أعماق البحار. يمكن أن تضع أنثى الكريل ما بين 6000 إلى 10000 بيضة في المرة الواحدة، ويتم تخصيبها عند إطلاقها. وقد أظهرت الدراسات أن البيض المخصب يغوص إلى قاع البحر بفعل الجاذبية ويتطور إلى يرقات على عمق يتراوح بين ألفين إلى ثلاثة آلاف متر. وتسمى هذه المرحلة أيضًا بالصعود التنموي. على مدى الأسابيع القليلة التالية، تخضع اليرقات لمراحل متعددة من التساقط والنمو، حتى تصل في النهاية إلى مرحلة النضج.
ومن الجدير بالذكر أنه مع تغير المناخ، يتأثر موطن الكريل أيضًا. لاحظ العلماء أنه مع تقلص مساحة الجليد البحري في القارة القطبية الجنوبية، يبدو أن أعداد الكريل تتناقص تدريجيا، مما يشكل تحديا لبقائهم.
"يعتبر الكريل بمثابة مضخة بيولوجية تضخ بكفاءة كميات كبيرة من جزيئات الكربون خارج عمود الماء، وهي العملية التي تستمر في توصيل الكربون إلى أعماق المحيط ولها آثار مهمة على دورة الكربون العالمية."
باعتباره نوعًا رئيسيًا في النظام البيئي في القارة القطبية الجنوبية، أصبح الكريل مصدرًا غذائيًا لمجموعة متنوعة من الكائنات الحية، بما في ذلك الحيتان والفقمات والطيور البطريق وغيرها. ولكي تتمكن من افتراس الكريل، فقد طورت بعض الفقمة وحتى الحيتان هياكل أسنان خاصة لحجب الكريل في الماء بشكل فعال.
كل عام، تستهلك الحيوانات المفترسة مثل الفقمة والحيتان مئات الملايين من الأطنان من الكريل، وهو ما يؤثر بشكل كبير على الدورة البيئية العالمية. إن وفرة الكريل تجعله يلعب دورًا لا غنى عنه في هذا النظام البيئي ويحافظ على توازن السلسلة الغذائية.
خاتمةإن انحدار أعداد الكريل لا يؤثر على النظام البيئي في القارة القطبية الجنوبية فحسب، بل قد يكون له تأثير أيضاً على دورة الكربون العالمية.
ومن خلال دراسة الكريل، لا يمكننا فقط فهم كيفية عمل النظم البيئية في القارة القطبية الجنوبية وأهميتها، بل ونكتسب أيضًا نظرة ثاقبة حول تأثير الأنشطة البشرية عليها. إن وجود الكريل يمنحنا فهمًا أعمق للنظام البيئي بأكمله في القارة القطبية الجنوبية والتنوع البيولوجي للأرض. ومع ذلك، مع استمرار تغير المناخ في التفاقم، هل يستحق ما إذا كان الكريل قادرًا على الاستمرار في التكاثر والازدهار في هذا البحر الجليدي اهتمامنا وتفكيرنا المستمر؟