تصل قدرات الذاكرة لدى العصافير ذات القبعة السوداء إلى ذروتها أثناء سلوك تخزين الطعام في فصل الشتاء، مما يسمح لها بالبقاء والتكاثر أثناء الطقس المتجمد.
السبب وراء هذه الظاهرة يتعلق بتوليد خلايا عصبية جديدة. يخضع الحُصين لدى طيور القرقف ذات القبعة السوداء لعملية تكوين عصبي مهمة خلال مواسم معينة، وهذه الخلايا العصبية الجديدة لا تساعد فقط في تحسين الذاكرة المكانية، بل تعمل أيضًا على تعزيز قدرتها على تسجيل موقع تخزين الطعام. إن سلوك تخزين الغذاء لدى طيور القرقف ذات القبعة السوداء، والذي يصل عادة إلى ذروته في الخريف، يعزز بشكل مباشر نمو الخلايا العصبية وبقائها في الحُصين.
يساعد نمو الخلايا العصبية الجديدة، والذي يسمى تكوين الخلايا العصبية البالغة، طيور القرقف ذات القبعة السوداء شديدة المرونة على التكيف مع البيئة المتغيرة. وقد أظهرت الملاحظات التجريبية أنه عندما يتضرر الحُصين لدى طيور القرقف ذات القلنسوة السوداء، تساعد هذه الخلايا العصبية الجديدة في استعادة وظيفة الذاكرة. وتبرز هذه القدرة على تجديد الأعصاب بشكل خاص لدى الطيور.بالإضافة إلى ذلك، تعتبر التغيرات الموسمية أيضًا ذات أهمية كبيرة لمعدلات بقاء الخلايا العصبية. في الخريف، تشهد طيور العصافير ذات القبعة السوداء انخفاضًا في معدل وفيات الخلايا العصبية في الحُصين، مما يسمح لها بالاستعداد بشكل أفضل لنقص الغذاء القادم قبل وصول الشتاء. وتسهل هذه الذاكرة المحسنة، بدورها، بقائهم على قيد الحياة في بيئة شديدة التنافسية، ويعد هذا **سلوك تخزين الطعام** اختبارًا مباشرًا لذاكرتهم. في أبحاث علم الأعصاب الحيوانية، يعتبر طائر القرقف ذو القبعة السوداء بلا شك نموذجًا مهمًا لاستكشاف تكوين الخلايا العصبية لدى البالغين. يوفر هيكل الحُصين لدى طائر القرقف ذو القبعة السوداء فرصة فريدة لفحص تكوين الخلايا العصبية حديثي الولادة وموقعها ووظيفتها. ومن خلال وضع علامات على الخلايا العصبية الجديدة، يمكن للباحثين تتبع حياة هذه الخلايا، والحصول على نظرة ثاقبة حول كيفية تأثير هذه العملية على التعلم والذاكرة لدى الحيوانات.تظهر الدراسة أن كل طائر من طيور القرقف ذو القبعة السوداء ينتج خلايا عصبية جديدة في الحُصين خلال فصل الخريف والشتاء، وأن هذه الخلايا العصبية الجديدة يمكن أن تعمل على تحسين قدرته على الذاكرة بشكل فعال.
تقرب دراسة طيور القرقف ذات القبعة السوداء العلماء من حل ألغاز تكوين الخلايا العصبية لدى البالغين، وقد تساعد في استكشاف علاجات اضطرابات الذاكرة في الدماغ البشري.
الأمر المهم هو أن تكوين الخلايا العصبية في طيور القرقف ذات القبعة السوداء لا يتغير فقط مع الفصول؛ بل يشير أيضًا إلى استراتيجية محتملة للبقاء على قيد الحياة. وتشير الدراسة إلى أن الحيوانات قادرة على إعادة تشكيل خلاياها العصبية استجابة للتحديات البيئية المختلفة من أجل التعامل بشكل أفضل مع تحدي نقص الغذاء. وهذا يجعل من طائر القرقف ذو القبعة السوداء موضوعًا تجريبيًا مهمًا لاستكشاف قدرة الدماغ على التكيف والمرونة.
ومع ذلك، هل توجد هذه العمليات العصبية المعتمدة على الموسم أيضًا في الأنواع الأخرى؟ لا تزال هذه القضية بحاجة إلى مزيد من الاستكشاف والتأكيد. وفي الدراسات المستقبلية، من المرجح أن يستخدم العلماء تقنيات البيولوجيا الجزيئية لاستكشاف كيفية تأثير هذه العملية على الذاكرة وقدرات التعلم في مجموعة أوسع من الحيوانات، بما في ذلك البشر.
وفي الختام، يوضح طائر القرقف ذو القبعة السوداء كيف يؤثر التغيير في تكوين الخلايا العصبية الحُصينية على تكوين الذاكرة، ويسلط الضوء على استراتيجية تكيفية للحيوانات في مواجهة التغير البيئي، ولكن هل يلهم هذا اللغز حول تكوين الخلايا العصبية الأبحاث حول الدماغ البشري؟