الذوبان هو عملية فيزيائية تؤدي إلى تحول المادة من الحالة الصلبة إلى الحالة السائلة. عندما تزداد الطاقة الداخلية للمادة الصلبة، عادة من خلال تطبيق الحرارة أو الضغط، فإن هذا يؤدي إلى وصول درجة حرارة المادة إلى نقطة انصهارها. عند نقطة الانصهار، ينهار الهيكل المنظم للأيونات أو الجزيئات في المادة الصلبة، ويتحول إلى حالة أقل تنظيماً، وفي النهاية يذوب الصلب إلى سائل.
أثناء عملية الذوبان، تنخفض لزوجة المادة المنصهرة عادةً مع ارتفاع درجة الحرارة.
هناك استثناء واحد وهو الكبريت العنصري، الذي تزداد لزوجته بسبب البلمرة عند درجات حرارة تتراوح بين 160 درجة مئوية و180 درجة مئوية. تمر بعض المركبات العضوية بمرحلة وسيطة تذوب فيها، وهي حالة منظمة جزئيًا بين الحالة الصلبة والسائلة.
من وجهة نظر ترموديناميكية، عند نقطة الانصهار، يكون التغير في طاقة جيبس الحرة (∆G) للمادة صفرًا، ولكن التغيرات في المحتوى الحراري (H) والإنتروبيا (S) ليست صفرًا، وهي يُطلق عليها اسم إنثالبي (أو الحرارة الكامنة) للانصهار وانتروبيا الانصهار. لذلك، يتم تصنيف الذوبان باعتباره تغير طوري من الدرجة الأولى. يحدث الانصهار عندما تكون طاقة جيبس الحرة للسائل أقل من تلك الموجودة في المادة الصلبة، وهي ظاهرة تتأثر بالضغط المحيط.
في ظل ظروف ضغط ثابتة مناسبة معينة، يمكن إزالة الحرارة من الهيليوم 3 والهيليوم 4 لتكوين حالة منصهرة، مما يجعلها حالات خاصة من عملية الذوبان.
في الأساس النظري للذوبان، غالبًا ما يتم استخدام معيار ليندمان ومعيار بورن لتحليل ظروف الانصهار. تنص معايير ليندمان على أن الانصهار يحدث نتيجة "عدم الاستقرار الاهتزازي"، أي أن البلورة تذوب عندما تكون السعة المتوسطة للاهتزازات الحرارية للذرات عالية نسبيًا مقارنة بالمسافات بين الذرات. يعتمد معيار بورن على نظرية عيوب الصلابة، والتي تعني أن البلورة سوف تصبح سائلة عندما لا تتمكن من تحمل الحمل.
في ظل الظروف القياسية، تعتبر نقطة انصهار المادة هي الخاصية المميزة لها وعادة ما تكون مساوية لنقطة تجمدها. ومع ذلك، في ظل الظروف التي تم إنشاؤها بعناية، يمكن أن يحدث التبريد الفائق أو التسخين الفائق. على سبيل المثال، يمكن للمياه الموجودة على سطح زجاجي نظيف للغاية أن تظل في كثير من الأحيان بدرجة حرارة أقل من درجة التجمد عدة درجات دون أن تتجمد. يمكن تبريد المستحلبات الدقيقة من الماء النقي عند درجة حرارة -38 درجة مئوية دون تكوين نواة جليدية.
في ظل الظروف المستقرة، هناك نقص في العوامل في المادة التي تؤدي إلى تغييرات التبريد، بحيث قد يحدث التبريد الفائق في بعض الحالات، مما يؤثر على عملية الذوبان.
الزجاج عبارة عن مادة صلبة غير متبلورة يتم إنتاجها عادة عندما يتم تبريد مادة منصهرة بسرعة إلى درجة حرارة انتقالها الزجاجية دون تكوين شبكة بلورية منتظمة. تتميز المواد الصلبة بوجود اتصال عالي بين جزيئاتها، في حين أن السوائل لديها اتصال هيكلي أقل. يمكن اعتبار عملية الذوبان بمثابة تمزيق للاتصالات بين الجسيمات. بمعنى آخر، يحدث ذوبان المادة غير المتبلورة عندما تشكل الروابط المكسورة بنية متكتلة.
في فيزياء الليزر النبضي فائق القصر، يمكن أن تحدث ظاهرة تسمى الذوبان الحراري. لا يرجع ذلك إلى زيادة في الطاقة الحركية الذرية، بل إلى تغير في الطاقة الكامنة بين الذرات الناتجة عن إثارة الإلكترون. في هذه العملية، يمكن للإلكترونات الساخنة أن تكسر الروابط بين الذرات، مما يتسبب في ذوبان المادة، كل ذلك دون زيادة درجة حرارة الذرات.
تُستخدم هذه الظاهرة أيضًا في علم الوراثة، عندما يحدث ما يسمى بذوبان الحمض النووي، عندما يتم فصل الحمض النووي مزدوج السلسلة إلى سلسلتين مفردتين بواسطة الحرارة أو المواد الكيميائية.
لا تتمتع عملية الذوبان بأهمية كبيرة في الفيزياء فحسب، بل لها أيضًا أهمية كبيرة في الحياة اليومية والعديد من مجالات العلوم. ومع حصولنا على فهم أفضل لهذه العملية، قد نتمكن من تسخيرها بشكل أفضل لإنشاء مواد وتقنيات جديدة. يمكننا أن نسأل أنفسنا، ما هي التطبيقات التكنولوجية الجديدة التي قد تقودنا عمليات الذوبان هذه إلى استكشافها؟