<ص>
وفي مجالات اللغويات وعلم النفس في القرن العشرين، كان نعوم تشومسكي يعتبر مفكرًا ثوريًا. لم يتحدى عمله هيمنة المدرسة السلوكية فحسب، بل فتح أيضًا نافذة جديدة لدراسة اللغة. باعتبارها أب علم اللغة الحديث، جذبت نظرية "النحو الشامل" التي دعا إليها تشومسكي الاهتمام العالمي وقادت تطور العلوم المعرفية.
ص>
حدود السلوكية
<ص>
سكينر، أحد ممثلي المدرسة السلوكية، يرى أن تعلم اللغة هو تكوين عادات سلوكية تعتمد بشكل أساسي على المكافآت والعقوبات والمؤثرات البيئية. واحتلت هذه النظرية المكانة السائدة في علم اللغة في ذلك الوقت، لكن تشومسكي أشار إلى العيوب في منطقها الأساسي. وشكك في أن هذا الرأي يبالغ في تبسيط عملية تعلم اللغة ويتجاهل القدرات المعرفية الفريدة للبشر والإبداع المتأصل. اقترح تشومسكي في كتابه “بنية النحو” مفهوم النحو التحويلي، مؤكدا على أن اللغة ظاهرة نفسية داخلية:
ص>
"يولد البشر ولديهم القدرة على اكتساب اللغة. وهناك هياكل معينة للغة مشتركة بيننا ولا يتم اكتسابها من خلال التعلم البيئي فقط."
مقترح القواعد العالمية
<ص>
ترى نظرية النحو العالمي لتشومسكي أن جميع اللغات مبنية على خلفية بنيوية مشتركة، ويفتح هذا الرأي عالما جديدا للبحث اللغوي. ولم تغير هذه النظرية طريقة التفكير في مجتمع اللغويين فحسب، بل كان لها أيضًا تأثير عميق في العديد من المجالات مثل علم النفس والفلسفة. ومن خلال طرح هذه النظرية يحاول تشومسكي الإجابة على السؤال التالي: لماذا يتمكن الأطفال من إتقان اللغة بسرعة مدهشة، حتى في السياقات الاجتماعية والثقافية المختلفة؟
ص>
تحدي المفاهيم التقليدية
<ص>
وبمرور الوقت، تحدت آراء تشومسكي تدريجيًا المبادئ السلوكية التقليدية. وشدد على إنتاجية اللغة وابتكارها، واقترح أن البشر لا يتعلمون اللغة من خلال التقليد فحسب، بل يستخدمون مجموعة من القواعد النحوية المتأصلة. وهذا يجعل البحث اللغوي لم يعد مجرد ملاحظة سلوكية، بل استكشاف معرفي متعمق.
ص>
"اللغة ليست مجرد نتيجة للسلوك، ولكنها نتاج التفكير. إن قدرة أنظمتنا المعرفية على التخطيط وتوليد اللغة تكشف مدى تعقيد التفكير البشري."
ما وراء حدود اللغويات
<ص>
لم تتحدى نظرية تشومسكي السلوكية فحسب، بل عززت أيضًا تكامل التخصصات المتعددة. وهو يضع دراسة اللغويات في الإطار الأوسع للعلوم المعرفية، مما يسمح للناس بالتفكير في طبيعة اللغة من زوايا مختلفة. لقد قامت ببناء جسر بين اللغويات وعلم النفس والفلسفة، وحفزت باستمرار اتجاهات بحثية جديدة واتجاهات فكرية، ولم تركز فقط على بنية اللغة، ولكن أيضًا تغطي مجالات مثل القدرة على الفهم، وأنماط التفكير، وحتى التعليم وعلم الاجتماع.
ص>
الاستنتاج
<ص>
يعد تشومسكي بلا شك أحد أكثر المفكرين تأثيرًا في القرن العشرين، ولم توقف نظريته هيمنة السلوكية في اللغويات فحسب، بل شجعت أيضًا الناس على إعادة التفكير في طبيعة اللغة والتعلم. تذكرنا مثل هذه التغييرات بأن اللغة ليست مجرد سلسلة من الرموز، ولكنها أيضًا جزء عميق من التفكير البشري. يطرح سؤال جديد: هل يمكننا أن نفهم المعنى الحقيقي للغة بشكل كامل وكيف تشكل نظرتنا للعالم؟
ص>