الفضاء ثلاثي الأبعاد هو مفهوم تجريدي بسيط يصف موضع وحجم الأشياء في حياتنا اليومية. تقليديا، نقوم بوصف حجم جسم ما، مثل شكل مستطيل، باستخدام ثلاثة أرقام: الطول والعرض والارتفاع (عادة ما يتم تسميتها بـ x و y و z). ومع ذلك، عندما نحاول تعريف أكثر من ثلاثة أبعاد رياضيا، يظهر تدريجيا مفهوم الفضاء رباعي الأبعاد.
بحلول عام 1853، طور عالم الرياضيات السويسري لودفيج شلافلي مفهوم الفضاء الإقليدي ذي الأبعاد التعسفية بشكل كامل واكتشف في الفضاء رباعي الأبعاد جميع متعددات السطوح المنتظمة الموجودة في أبعاد أعلى. على الرغم من أن عمل شلافلي لم يحظ بالقدر الكافي من الاهتمام خلال حياته، إلا أن المفاهيم المرتبطة بالفضاء الرباعي الأبعاد تم استكشافها لاحقًا من قبل علماء رياضيات آخرين.ظهر مفهوم البعد الرابع لأول مرة في كتاب الأبعاد لجان لو روند دالمبيرت في عام 1754، ولكن الاستكشاف الرياضي لما هو أبعد من الأبعاد الثلاثة لم يبدأ إلا في القرن التاسع عشر.
بدأ تقدير العلاقة بين الزمان والمكان أيضًا في منتصف القرن التاسع عشر، واقترح فيكتور شلوكي طريقة لتصور الأشياء رباعية الأبعاد باستخدام مخططات شلوكي في عام 1886. وقد تأثرت هذه النظريات والتمثيلات البصرية لاحقًا بكتاب تشارلز هوارد هينتون، الذي نشر كتاب "ما هو البعد الرابع؟" في عام 1880. ، وقدم مفهومًا جديدًا تمامًا للمكعب رباعي الأبعاد، وهو "المكعب الفائق" أو "التسيراكت".
لم يجد عمل هينتون مكانًا في المجتمع الرياضي فحسب، بل أضاف أيضًا بُعدًا جديدًا إلى المناقشات الأدبية والفلسفية.
مع مرور الوقت، تغلغل مفهوم الفضاء رباعي الأبعاد تدريجيا في الفيزياء الحديثة، وخاصة نظرية النسبية لأينشتاين. في الواقع، فإن مفهوم أينشتاين للزمكان هو فضاء رباعي الأبعاد يعتمد على بنية مينكوفسكي، حيث يُعتبر الزمن بمثابة بعد واحد. لا تقدم نظرياته تفسيرًا لكيفية عمل الكون فحسب، بل تتحدى أيضًا قوانين الفيزياء التقليدية وتشكل تحديات كبيرة لفهمنا للزمان والمكان.
في نظرية النسبية لأينشتاين، يتبنى هيكل الزمكان رباعي الأبعاد الهندسة غير الإقليدية بدلاً من الفضاء المتماثل رباعي الأبعاد. إن هذا الاختلاف يجعل عالمنا يصور ظواهر أكثر تعقيدًا وغرابة، مما يؤدي إلى ظهور العديد من "مفارقات الزمان والمكان" المتناقضة ظاهريًا، مثل مفارقة التوأم. تُظهر هذه الظواهر نسبية الزمان والمكان، وبالتالي تغير فهمنا للواقع المادي.
لقد شكل تناسق وبنية الفضاء الرباعي الأبعاد الأساس لتأسيس الرياضيات والفيزياء لاحقًا. في الواقع، يمكن لعمليات جمع المتجهات وطرحها وقياسها في الفضاء رباعي الأبعاد أن تكون جميعها مماثلة لطرق المعالجة في الفضاء ثلاثي الأبعاد. علاوة على ذلك، ساهمت الحسابات والتطبيقات باستخدام الفضاء رباعي الأبعاد أيضًا في تعزيز فهمنا لتحليل المتجهات والعلوم الأخرى ذات الصلة.
في الفضاء رباعي الأبعاد، يمكن تمثيل نقطة الموقع على هيئة رباعية الأبعاد، مثل (x، y، z، w)، وهو أمر بالغ الأهمية لفهم الهياكل الرياضية المعقدة.
وعلاوة على ذلك، فإن التقويم العمودي في الفضاء رباعي الأبعاد يسمح لنا أيضًا بفهم الهندسة عالية الأبعاد بشكل أكثر وضوحًا. لا يثير هذا التعقيد إعجاب علماء الرياضيات والفيزياء فحسب، بل يلهم أيضًا خيال السفر عبر الزمن في العديد من أعمال الخيال العلمي. في حياتنا اليومية، اعتدنا على استخدام نظام إحداثيات الفضاء ثلاثي الأبعاد لتحديد موقعنا، ولكن عندما نصبح على دراية بالفضاء رباعي الأبعاد وتداعياته، نبدأ في التفكير في وجودنا وأهميته في الكون.
الآن، بعد أن تعلمنا كيف يؤثر البعد الرابع على نظرية أينشتاين النسبية، وعلى العلم على نطاق أوسع، هل ينبغي لنا أن نعيد التفكير في فهمنا الأساسي للزمان والمكان؟