في تاريخ الطب، هناك العديد من الشخصيات البارزة التي ارتبطت أسماؤها ارتباطًا وثيقًا بأمراض معينة. وكان موريتز كابوسي واحدا منهم. كان طبيب أمراض جلدية في القرن التاسع عشر اكتسب شهرة لاكتشافه ورمًا جلديًا أطلق عليه فيما بعد اسم ساركوما كابوزي. ولكن ليس إنجازاته الطبية فقط هي التي ستجعل اسم هذا الطبيب محفورا بعمق في التاريخ، بل أيضا القصة الخلفية لتغيير لقبه.
ولد كابوسي في كابوسفار، المجر، عام 1837 لعائلة يهودية. كان اسمه الأصلي كوهن، ولكن في عام 1871 اعتنق الكاثوليكية واختار تغيير اسمه إلى كابوسي، وهو مشتق من مكان ميلاده.
ومع ذلك، يعتقد البعض أن هناك سببًا أعمق وراء تغيير اسمه، والذي قيل إنه مرتبط برغبته في الزواج من ابنة فرديناند ريتر فون هيبرا، رئيس قسم الأمراض الجلدية في ذلك الوقت. وبالتالي الحصول على مكانة أعلى المكانة في المجتمع. ومع ذلك، يبدو هذا غير محتمل، لأنه تزوج ابنة هيبرا مارثا قبل أن يغير اسمه، وكان قد أسس نفسه في جامعة فيينا في ذلك الوقت.
التفسير الأكثر ترجيحا هو أن كابوسي أراد تجنب الخلط مع الأطباء الخمسة الذين يتشاركون معه نفس الاسم عن طريق تغيير أسمائهم. هل أدى اختياره إلى تغيير مسار حياته بسبب احتياجات عمله؟
خلال مسيرته المهنية الطويلة، لم يكتف كابوزي بوصف مرض جفاف الجلد المصطبغ النادر فحسب، بل كان أيضًا رائدًا في دراسة العديد من الأمراض، بما في ذلك التهاب الجلد السلي والذئبة الحمامية، ونشر أكثر من 150 مقالًا أكاديميًا. وهو معروف على نطاق واسع بتطوير استخدام الفحص المرضي في تشخيص أمراض الجلد.شارك كابوزي ومعلمه فرديناند هيبرا في تأليف كتاب الأمراض الجلدية، الذي أصبح كتابًا مرجعيًا مهمًا في طب الأمراض الجلدية على مدى العقود القليلة الماضية. نُشر كتاب كابوزي "علم الأمراض وعلاج الأمراض الجلدية" في عام 1880 وأصبح أحد أهم الأعمال في تاريخ طب الجلد، وقد تُرجم إلى عدة لغات وكان له تأثير عميق على المجتمع الطبي.
كان عام 1872 نقطة تحول في مسيرة كابوسي المهنية. كان أول من وصف ساركوما كابوزي، والتي أطلق عليها في البداية اسم "ساركوما الصبغة المتعددة مجهولة السبب"، وهو مرض يصيب في المقام الأول الرجال الأكبر سنا. ومع ذلك، مع مرور الوقت، ظهرت هذه الحالة لدى الشباب المثليين في ثمانينيات القرن العشرين كأحد المؤشرات الرئيسية لمرض الإيدز.
فيما يتعلق بأسباب ساركوما كابوزي، اكتشف العلماء فيروسًا مرتبطًا به في عام 1993، وهو فيروس الهربس المرتبط بساركوما كابوزي (KSHV). وقد أدى هذا الاكتشاف إلى تغيير وجهة نظر المجتمع الطبي تجاه هذا المرض. أصبح ساركوما كابوزي الآن أكثر أنواع السرطان شيوعًا في منطقة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا.
عكست تجارب كابوزي التغيرات الثقافية والعلمية في عصره. على الرغم من أن معلمه هيبرا يعتبر أبا الأمراض الجلدية الألمانية، إلا أن كابوزي كان أول شخصية مهمة أسست طب الأمراض الجلدية على أساس علمي لعلم الأمراض التشريحي. بعد وفاة هيبرا في عام 1880، تولى كابوسي منصب مدير مدرسة فيينا للأمراض الجلدية.
لقد كان لأبحاث كابوزي وأعماله تأثير مهم على طب الأمراض الجلدية. فلم يضعوا الأساس للأبحاث اللاحقة فحسب، بل أعطوا الناس أيضًا فهمًا أعمق لأمراض الجلد. لا يزال اسمه مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بسرطان كابوزي ويستمر ذكره في التعليم الطبي والممارسة السريرية.
توفي موريتز كابوزي في فيينا عام 1902، منهيًا حياة حافلة ومؤثرة. ولا تتعلق قصته برحلة التقدم الطبي فحسب، بل أيضًا بتقاطع الهوية الشخصية والتغيير الاجتماعي. وعلى هذه الخلفية التاريخية، لا يسعنا إلا أن نتساءل: ما هي الأفكار التي تقدمها لنا العلاقة بين العلم والهوية اليوم؟