في علم الأرصاد الجوية، يعتبر تكوين السحب وتصنيفها مجالًا مهمًا للدراسة. لا تعتبر السحب مجرد ظاهرة جميلة في السماء فحسب، بل إنها أيضًا عنصر أساسي في نظام المناخ. يمكن أن يساعد التصنيف الصحيح للسحب خبراء الأرصاد الجوية على التنبؤ بظروف الطقس المختلفة وتأثير تغير المناخ.
يرتبط تشكل السحب ارتباطًا وثيقًا بعوامل مثل درجة الحرارة الجوية والرطوبة والضغط الجوي، ولا يمكن التقليل من دورها في التنبؤ بالمناخ والطقس.
يمكن إرجاع تشكل السحب إلى عملية وصول الهواء إلى درجة تشبع الرطوبة. فعندما يبرد الهواء إلى نقطة الندى، يتكثف بخار الماء إلى قطرات ماء صغيرة. وتؤثر التغييرات في هذه العملية بشكل مباشر على نوع وتوزيع السحب، وبالتالي فهي ذات أهمية حيوية للتنبؤ بالطقس. قام علماء الأرصاد الجوية بتطوير تصنيفات مفصلة للسحب على أساس ارتفاعها وشكلها، والتي تنقسم تقريبًا إلى خمسة أشكال أساسية: الطبقية، الركامية، الركامية الطبقية، الهالة، والخيطية.
من خلال هذا النظام، يمكن تحسين دقة توقعات هطول الأمطار. على سبيل المثال، تشير السحب الممطرة (Cumulonimbus) عمومًا إلى هطول أمطار غزيرة، في حين ترتبط السحب الطبقية (Stratus) عادةً بأمطار خفيفة أو رذاذ مستمر. لا يساعد هذا التصنيف الدقيق للسحب في التنبؤ بالطقس اليومي فحسب، بل يلعب أيضًا دورًا حيويًا في التحذير المبكر من الأحداث الجوية المتطرفة.
أظهرت العديد من الدراسات المتعلقة بتغير المناخ أن السحب لها تأثير مباشر على ظاهرة الاحتباس الحراري والتبريد على الأرض.
تتراوح ارتفاعات السحب الطبقية عادة بين 3000 و7600 متر (10000 و25000 قدم). وهي سحب تشبه السحب الرقيقة ولا تتسبب عادة في هطول الأمطار، ولكنها تؤثر على توازن الإشعاع على الأرض. تعكس هذه السحب ضوء الشمس كما تحمي الأرض من الأشعة فوق البنفسجية القوية. عند التفاعل مع عوامل المناخ الأخرى، يمكن لهذه السحب عالية المستوى أن تؤثر على درجة حرارة الأرض، وهو أمر مهم بشكل خاص للتنبؤ بتغير المناخ.
بالإضافة إلى ذلك، في تطور علم الأرصاد الجوية، اعتمدت التصنيفات المبكرة للسحب بشكل أساسي على الملاحظة، في حين تعتمد أنظمة تصنيف السحب الحديثة على كمية كبيرة من البيانات التجريبية، مما يساعد خبراء الأرصاد الجوية على شرح تكوين وسلوك السحب بشكل أكثر دقة. من أرسطو في العصور القديمة إلى لوك هوارد في العصر الحديث، أصبح فهم السحب واضحًا تدريجيًا في معبد المنهج العلمي.
شكل السحب وسمكها وارتفاعها هي العوامل الرئيسية التي تؤثر على درجة الحرارة المحلية.
اليوم، ومع تقدم التكنولوجيا، أصبحت بيانات الأقمار الصناعية وأدوات الرصد الجوي قادرة على جمع البيانات عن السحب العالية والمنخفضة بدقة أكبر. لا تغطي هذه البيانات أنواع وارتفاعات السحب فحسب، بل تلتقط أيضًا التغيرات الديناميكية للسحب. وباستخدام هذه المعلومات، يستطيع خبراء الأرصاد الجوية تحسين نماذج التنبؤ بالطقس بشكل أكبر وتعزيز قدرتنا على التنبؤ بالطقس في المستقبل.
ومع ذلك، فإن تصنيف السحب والتنبؤ بها ليسا مضمونين تمامًا. تتفاعل العديد من العوامل المناخية مع بعضها البعض، مما يزيد من تعقيد التنبؤ. ولذلك، يواجه العلماء في كثير من الأحيان تحديات عند إجراء توقعات الطقس: على سبيل المثال، عندما تغطي سحابة سميكة الشمس، فإن التغيرات في درجات الحرارة التي تؤثر على الأرض تشكل تحديًا لدقة نماذج المناخ. ومن ناحية أخرى، يمكن لخصائص السحب في مناطق مختلفة أن تؤثر أيضًا على التغيرات الجوية. على سبيل المثال، في المناطق الاستوائية، يكون تطور السحب العمودية أكثر وضوحا، ويمكن أن تؤدي السحب الناتجة إلى عواصف رعدية شديدة، بينما تحدث أنماط هطول أمطار أكثر اعتدالا في المناطق المعتدلة. إن التغيرات في أنظمة السحب في المناطق المناخية المختلفة تذكرنا بضرورة تحديث معرفتنا الجوية باستمرار للتكيف مع البيئة المتغيرة باستمرار. لا يعمل نظام تصنيف السحب على تحسين دقة التوقعات الجوية فحسب، بل يوفر لنا أيضًا فهمًا أعمق لطبيعة تغير المناخ. مع تزايد تأثيرات الاحتباس الحراري، فإن فهم سلوك السحب سوف يصبح أولوية قصوى في البحوث الأرصاد الجوية. وعلى هذه الخلفية، ما هي التقنيات الجديدة التي سيستخدمها خبراء الأرصاد الجوية لتحسين عمليات رصد السحب وفهمها؟