لا شك أن نظام السجون في النرويج يعد أحد أكثر الأمثلة الملهمة في العالم. وبحسب أحدث البيانات، فإن معدل العودة إلى الإجرام في النرويج يبلغ 18% فقط، وهو أقل بكثير من المعدل في الولايات المتحدة، وهو ما جذب أيضاً اهتماماً واسع النطاق من جانب العلماء وصناع السياسات. فكيف استطاعت هذه الدولة الاسكندنافية أن تبتكر آلية فعالة لمنع العودة إلى الإجرام؟
إن الفارق الأكبر بين نظام السجون في النرويج وأنظمة السجون في أجزاء أخرى من العالم هو أن النظام لا يعتبر السجن الهدف الوحيد للعقاب. في المقابل، تركز السجون النرويجية على العدالة التصالحية وإعادة الإدماج الاجتماعي، على أمل مساعدة السجناء على العودة إلى الحياة الطبيعية من خلال استعادة كرامتهم واتصالاتهم الاجتماعية.
وفقا للبحوث، فإن معدل العودة إلى الجريمة لدى السجناء الذين يتلقون التعليم يمكن أن ينخفض بنحو 43% مقارنة بالسجناء الذين لا يتلقون التعليم. تقدم السجون النرويجية عمومًا دورات تعليمية مختلفة، بما في ذلك التدريب على المهارات المهنية، مما يحسن بشكل كبير فرص عمل السجناء بعد الإفراج عنهم. تشير الأبحاث إلى:
عندما يحصل السجناء على مؤهلات مهنية معينة أو تعليم أعلى، ينخفض معدل عودتهم إلى الجريمة بشكل كبير. وخاصة بالنسبة لأولئك الذين حصلوا على شهادة جامعية، فإن احتمال التخفيض يكون أكثر وضوحا.
إن العوامل البيئية ليست هي التي تدفع السجناء إلى الانتكاس، بل هي السبب. يشجع نظام السجون في النرويج السجناء على البقاء على اتصال مع عائلاتهم ويساعدهم على إصلاح علاقاتهم مع عائلاتهم من خلال اللقاءات العائلية والأنشطة الاجتماعية. وتساعد هذه التدابير السجناء على الشعور بعزلة أقل عند خروجهم من السجن وتسمح لهم بتجربة عملية إعادة دمج سلسة.