في مجالات مختلفة مثل الاقتصاد والعلوم الاجتماعية، وربما حتى الطب، يبدو أن استخدام القيم الاحتمالية أصبح بمثابة تفاهم ضمني. ومع ذلك، فإن تفسير هذا الرقم غالبا ما يكون مثيرا للجدل. يقول العديد من علماء البيانات والباحثين إن المعنى الحقيقي لقيمة p غالبًا ما يكون غير مفهوم، مما يجعله غامضًا في المجتمع الأكاديمي. وهذا يثير بالتالي عددا من الأسئلة المهمة حول العلاقة بين القيمة الاحتمالية والفرضية الصفرية.
القيمة p هي مقياس احتمالي يعتمد على الفرضية الصفرية التي تعكس مدى تطرف إحصائية الاختبار الملاحظة إذا كانت الفرضية الصفرية صحيحة.
وفقًا للتعريف الإحصائي، فإن الفرضية الصفرية هي الفرضية التي يتم اختبارها، وعادةً ما تفترض عدم وجود تأثير أو فرق معين. على سبيل المثال، إذا كانت الدراسة مصممة لاختبار فعالية دواء لعلاج حالة معينة، فإن الفرضية الصفرية قد تكون "الدواء ليس له أي تأثير". القيمة الاحتمالية هي أداة تستخدم لقياس هذه الفرضية. وبشكل أكثر تحديدًا، تمثل القيمة الاحتمالية الحصول على نتيجة أو نتيجة أكثر تطرفًا إذا كانت الفرضية صحيحة. إذا كانت القيمة p صغيرة جدًا، فهذا يشير إلى أن النتائج الملاحظة من غير المرجح للغاية أن تحدث نظرًا للفرضية الصفرية، مما قد يدفع الباحث إلى رفض الفرضية الصفرية.
في عام 2016، أصدرت الجمعية الإحصائية الأمريكية (ASA) بيانًا ينص على أن "القيمة p لا تقيس احتمالية صحة فرضية البحث، ولا تشير إلى احتمالية حدوث البيانات بالصدفة". /ص>
ردًا على ذلك، دعا العديد من العلماء والإحصائيين إلى إعادة تقييم استخدام القيم الاحتمالية. ويزعمون أن القيمة الاحتمالية لا تمثل حجم الأدلة أو أهمية النتائج، ولا ينبغي استخدامها كمعيار وحيد لرفض أو قبول الفرضية. ومن المرجح أن تحدث استنتاجات مضللة، خاصة عندما يتم إجراء تجارب متعددة أو يكون حجم العينة صغيرا.
في الممارسة العملية، غالبًا ما يحدد الباحثون "مستوى الأهمية"، وعادةً ما يكون 0.05، مما يعني أنه عندما تكون القيمة p أقل من 0.05، فإن الباحث سيرفض الفرضية الصفرية. على الرغم من أن هذا المعيار يستخدم على نطاق واسع في المجتمع الإحصائي، إلا أن هناك العديد من المشاكل المخفية وراءه. إن الدراسات التي تستخدم هذا المعيار تتجاهل في بعض الأحيان عوامل أخرى ذات صلة مثل تصميم الاختبار وجودة القياس، مما يؤدي إلى تفسير غير صحيح لنتائج البيانات.في مجالات مثل الصحة العقلية والطب السريري، يجب على الباحثين النظر في كل جانب من جوانب التصميم لضمان التوصل إلى استنتاجات معقولة.
من ناحية، يعكس حجم القيمة الاحتمالية ثقة النتيجة إلى حد ما؛ ومن ناحية أخرى، فإن الاعتماد على رقم واحد كأساس لاتخاذ القرار ينطوي أيضًا على مخاطر وقد يؤدي إلى ظواهر مثل "خطاف القيمة p". في هذه الحالة، قد يسعى الباحثون إلى تعديل البيانات أو تصفيتها في تحليل البيانات لجعلها ذات دلالة بدلاً من أن تعكس الوضع الحقيقي بشكل موضوعي.
ومن الجدير بالذكر أن القيمة الاحتمالية ليست مجرد رقم مشتق من بيانات العينة، بل تتضمن أيضًا تفسير العينة بأكملها. لذلك، بالإضافة إلى الإبلاغ عن القيم الاحتمالية، ينبغي أن يركز البحث أيضًا على مؤشرات إحصائية أخرى، مثل فترات الثقة، وأحجام التأثير، وما إلى ذلك. ويمكن أن تساعد هذه الأدوات الإحصائية في توفير نتائج تحليل أكثر شمولاً.
وقد دفعت مثل هذه المناقشات إلى إعادة التفكير في الأساليب الإحصائية في الاقتصاد وغيره من المجالات العلمية. في عام 2019، شكلت جمعية الإحصائيين الأمريكية مجموعة خاصة لمراجعة استخدام الأساليب الإحصائية في البحث العلمي. ويشيرون إلى أن مقاييس عدم اليقين المختلفة يمكن أن تكمل بعضها البعض، ويؤكدون على أنه "عندما يتم تطبيق قيم p واختبارات الأهمية وتفسيرها بشكل صحيح، فإنها يمكن أن تعمل على تحسين صرامة الاستنتاجات المستخلصة من البيانات". ولذلك، فمن المهم بشكل خاص العثور على الأدوات الإحصائية المناسبة وتفسير البيانات بشكل صحيح.اقترح العديد من الإحصائيين أنه ينبغي إيلاء المزيد من الاهتمام لأساليب إحصائية استدلالية أخرى، مثل فترات الثقة ونسب الاحتمالية، بدلاً من الاعتماد فقط على القيم p لاستخلاص النتائج.
وبشكل عام، فإن العلاقة بين القيمة الاحتمالية والفرضية الصفرية ليست بسيطة وواضحة، بل تحتوي على تقاطعات أكثر بين الأساليب والنظريات العلمية. ولعل التحدي الحقيقي لا يكمن فقط في كيفية حساب أو تفسير القيم الاحتمالية، بل في كيفية ضمان استخدامها بشكل صحيح ومعقول في البحث العلمي. هل فكرت يومًا في كيفية استخدام القيمة p بشكل صحيح في بحثك، بدلاً من الاعتماد فقط على حجمها لاتخاذ القرارات؟