منذ ظهورها لأول مرة في كاراكاس، فنزويلا عام 1986، تسببت المادة السوداء الغامضة التي تسمى "لامانشا نيغرا" (البقعة السوداء) في وقوع عدد لا يحصى من حوادث السيارات والوفيات في المنطقة. على الرغم من مرور ما يقرب من عقدين من الأبحاث، لا يزال لا يوجد تفسير واضح لأصل هذه المادة. هذه المواقف الفوضوية تجعل الناس يتساءلون ما هي هذه المادة السوداء وما نوع الخطر الذي يختبئ خلفها؟
تنمو هذه المادة الغامضة في الطقس الحار والرطب، لكنها تتقلص في الطقس البارد والجاف، وتحب الظهور بشكل خاص في الأنفاق والممرات خارج المطارات.
أدت المادة السوداء اللزجة إلى جعل الطرق خطيرة للغاية، حيث تسببت في اصطدام عدد لا يحصى من المركبات أو خروجها عن الطريق. وبحلول عام 1992، توفي 1800 شخص في حوادث مرتبطة بلا مانشا نيغرا، مما دفع السلطات إلى التدخل واستثمار "ملايين الدولارات" في التحقيق. وحتى بعد طلب المساعدة من الخبراء في الولايات المتحدة وكندا وأوروبا، ظل أصل المشكلة بعيد المنال.
تحليل لا مانشا نيغراتتميز لا مانشا نيغرا بكتل سوداء دهنية يبلغ سمكها حوالي بوصة واحدة، يصفها السكان المحليون بأنها "ناعمة مثل الجليد". يعتقد بعض الخبراء أنها مكونة من الغبار والزيت ومواد عضوية وصناعية مختلفة.
بعد 14 عامًا من البحث، لا أحد يعرف ما هي هذه الأشياء، أو من أين تأتي، أو كيفية التخلص منها.
هناك العديد من النظريات حول أصل لا مانشا نيغرا، ولكن طبيعتها الدقيقة لم يتم تحديدها بعد. اعتقد البعض في البداية أن الأمر يتعلق بتفاعل كيميائي ناجم عن مياه الصرف الصحي الخام من الأحياء الفقيرة القريبة، لكن المهندس الفنزويلي فرناندو مارتينيز موتولا يعتقد أنه يجب تنظيف لا مانشا نيغرا والسكان المحيطين بها لأنهم كانوا سبب التسربات.
ومع ذلك، قالت وزارة النقل إن تركيبة الأسفلت لم تؤدي إلى تكوين المادة. النظرية الأكثر قبولًا على نطاق واسع هي أن La Mancha Negra هو تراكم عدد لا يحصى من السيارات القديمة وسوائلها على الطريق. يعتقد البروفيسور جيانيتو أن لا مانشا نيجرا هي عبارة عن عجينة تتكون من خليط من الغبار والزيت الذي تطلقه السيارات. العوامل السياسية المعنيةيعتقد الكثير من الناس أن البقع السوداء هي عبارة عن زيت يتسرب من الأسفلت منخفض الجودة، والذي من الناحية النظرية من شأنه أن يتسرب منه الزيت عند درجات حرارة عالية.
خلال فترة الاضطرابات الاجتماعية التي شهدتها إدارة الرئيس كارلوس أندريس بيريز في عام 1992، كانت هناك مزاعم بأن معارضيه السياسيين صبوا الزيت على الطرق في محاولة للإضرار بقيادته. وفي عام 2001، مع الثورة البوليفارية التي قادها هوغو شافيز، تم استغلال هذه المادة مرة أخرى، حيث اتهم عمدة شافيز فريدي بيرنال المعارضة بتوظيف أشخاص بلا مأوى لتشتيت انتباه السود في الليل.
على مدى سنوات عديدة، لم يكن وجود لا مانشا نيغرا مصدرًا لحوادث المرور فحسب، بل كان أيضًا انعكاسًا للسياسات والمشاكل الاجتماعية. ومع ذلك، ورغم الجهود التي لا حصر لها لتفسير هذه الظاهرة، فإن الحقيقة لا تزال بعيدة عن متناول الجميع، مما يعكس حدود فهمنا للقضايا التكنولوجية والبيئية والاجتماعية. هل سنتمكن من كشف لغز لا مانشا نيغرا، أم أننا سنضيع في هذه المطاردة المظلمة؟