في الاقتصاد الحديث، ترتبط السياسة الضريبية ارتباطًا وثيقًا بالعمليات التجارية. ومع ذلك، فإن استخدام الشركات لأساليب التهرب الضريبي القانونية لتقليل مبلغ الضرائب التي تدفعها غالباً ما يثير الجدل. لقد أثارت شرعية وأخلاقيات تقنيات التهرب الضريبي جدلاً حادًا. في الواقع، لا يختلف التهرب الضريبي كثيراً عن التهرب الضريبي غير القانوني، ولكن غالباً ما يُنظر إليه باعتباره شكلاً من أشكال الازدراء للنظام الضريبي في بلد ما.
التهرب الضريبي هو أسلوب تقليل الضريبة المستحقة من خلال الوسائل القانونية، في حين أن التهرب الضريبي هو استخدام وسائل غير قانونية للتهرب من العبء الضريبي.
وفقا للقانون، يمكن تقسيم التهرب الضريبي إلى أشكال عديدة، وأكثرها شيوعا هي الملاذات الضريبية والملاجئ الضريبية. الملاذ الضريبي هو ترتيب قانوني مصمم لتقليل مبلغ الضريبة المستحقة، في حين أن الملاذ الضريبي هو منطقة قضائية تفرض ضرائب منخفضة أو معدومة. ومع ذلك، فإن هذه الممارسات غالبا ما تتعرض لانتقادات عامة.
لا ينبغي الخلط بين الوسائل القانونية لتخفيض مبلغ الضريبة المستحقة وبين نية تجنب الضرائب.
مع تزايد حجم التجارة الدولية، بدأت الشركات المتعددة الجنسيات في البحث عن استراتيجيات ضريبية أكثر مرونة، الأمر الذي أثار أيضاً استجابات سياسية من جانب الحكومات في مختلف أنحاء العالم. بدأت العديد من البلدان في تنفيذ قواعد عامة لمكافحة التهرب الضريبي (GAAR) وقواعد خاصة لمكافحة التهرب الضريبي (SAAR)، وهي قوانين مصممة للحد من قدرة الشركات على استخدام وسائل غير مناسبة لتجنب الالتزامات الضريبية.
ولا تستهدف تدابير مكافحة التهرب الضريبي الشركات المتعددة الجنسيات فحسب، بل تشمل أيضاً مراجعة وإصلاح النظام الضريبي للشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم.ومع ذلك، لا ينبغي الاستهانة بصعوبة إنفاذ هذه القوانين، وخاصة في مواجهة بيئة ضريبية دولية معقدة ونماذج تشغيل أعمال متغيرة. ويشير الخبراء القانونيون إلى أن الشركات غالباً ما تخفف أعبائها الضريبية من خلال الثغرات والأحكام القانونية الغامضة، وهو ما يجعل الرقابة من جانب السلطات الضريبية أمراً صعباً.
بالنسبة للشركات الكبيرة، قد لا تكون تقنيات التهرب الضريبي واضحة في استراتيجية الأعمال، خاصة عندما تمس هذه التقنيات حدود كل من الشرعية والأخلاق. في كثير من الأحيان تواجه العديد من الشركات الكبرى معارضة شديدة من الجمهور ووسائل الإعلام عندما تستغل الثغرات القانونية، وخاصة اليوم حيث أصبحت المسؤولية الاجتماعية للشركات ذات قيمة متزايدة.
مع تطور وسائل التواصل الاجتماعي وشفافية المعلومات، أصبح المستهلكون قلقين بشكل متزايد بشأن كيفية قيام الشركات بدفع الضرائب. وأظهرت الدراسة أنه إذا تم الكشف عن استخدام شركة لاستراتيجيات التهرب الضريبي، فإن صورة علامتها التجارية ومصداقيتها في السوق سوف تتأثر بشكل كبير.عندما تلجأ الشركات الكبرى إلى تقنيات التهرب الضريبي، فإن الأمر لا يتعلق بمسألة قانونية فحسب، بل يتعلق أيضًا بصورة علامتها التجارية ومسؤوليتها الاجتماعية.
في مواجهة موجة العولمة، كيف ستعمل الحكومات على إعادة تعريف السياسات الضريبية لمنع الخسائر الضريبية؟ كيف يمكن لجميع الأطراف السير على الخط الرفيع الذي يفرضه القانون للحفاظ على التوازن بين المصالح التجارية والمسؤوليات الاجتماعية؟