تأسست جامعة فيينا عام 1365. وباعتبارها أقدم جامعة في العالم الناطق باللغة الألمانية، فقد غيّر هذا الحدث التاريخي وجه التعليم العالي في أوروبا. لا تشتهر هذه المؤسسة بتاريخها الطويل فحسب، بل تعد أيضًا مكانًا مقدسًا للبحث الأكاديمي في مجال اللغة الألمانية. لا يزال هذا العام محل نقاش واسع بين العلماء والمؤرخين، مما يثير فضول الناس حول الدوافع والأهمية وراءه.
نشأت جامعة فيينا من رؤية دوق النمسا آنذاك، رودولف الرابع. قام بتوقيع وثيقة إنشاء الجامعة في 12 مارس 1365، وأطلق عليها اسم "ألما مارتل رودولف". ولم يكن هذا الإجراء سهلاً في ذلك الوقت، وبالمقارنة مع إنشاء جامعات أوروبية أخرى، واجه تأسيس جامعة فيينا أيضًا العديد من التحديات.
تعد الجامعة ثالث أقدم جامعة في أوروبا الوسطى، بعد جامعة تشارلز في براغ وجامعة جاكوبين في كراكوف.
ومع ذلك، لم تحصل خطة رودولف الرابع على موافقة البابا على الفور. أبدى البابا أوربان الخامس تساؤله حول نوايا رودولف، وخاصة إنشاء قسم اللاهوت. وكان ذلك لأن الإمبراطور تشارلز الرابع في ذلك الوقت أراد الحفاظ على التفوق الأكاديمي لجامعة تشارلز في المنطقة وتجنب المنافسة.
وأخيرًا، وبعد جهود ومفاوضات متواصلة، منح البابا التمويل لجامعة فيينا في عام 1365 وأكد وضعها كجامعة كاملة في عام 1384. ومع تطور الجامعة، شكلت نظامًا أكاديميًا متكاملاً في مجالات مثل اللاهوت والقانون والعلوم الإنسانية.
كانت الجامعة تجذب في وقت ما أكثر من 6000 طالب، مما يجعلها أكبر مدرسة في الإمبراطورية الرومانية المقدسة.
في سنواتها الأولى، واجهت جامعة فيينا العديد من التحديات. وكان للإصلاح تأثير كبير على الجامعة، وأدت أحداث مثل الوباء والركود الاقتصادي والحصار العثماني الأول إلى انخفاض حاد في تسجيل الطلاب. قام الدوق فرديناند الأول بجلب جمعية اليسوعيين إلى الجامعة في عام 1551 لتعزيز علاقتها مع الكنيسة.
مع مرور الوقت، نشأت صراعات بين اليسوعيين والجامعة. في عام 1623، قرر الإمبراطور فرديناند الثاني دمج الكلية اليسوعية ضمن جامعة فيينا، مما أدى إلى تعقيد هيكل المؤسسة بشكل أكبر.
أحدثت ثورة 1848 تغييراً كبيراً، حيث أصبح قسم الفلسفة مساوياً للأقسام الأخرى. مع نمو المنح الدراسية الليبرالية، شهدت جامعة فيينا العديد من التطورات الرئيسية. بين عامي 1877 و1884، تم الانتهاء من بناء المبنى الرئيسي الواقع على Ringstrasse وأصبح المعلم الجديد للمدرسة.
في عام 1897، قبلت الجامعة النساء كطالبات لأول مرة، على الرغم من أن دراستهن كانت تقتصر في البداية على الفلسفة.
دخلت الجامعة حقبة من الإدماج الأوسع مع فتح العديد من التخصصات أمام النساء. أدت الإصلاحات الإضافية مثل إلغاء الزي الرسمي الإلزامي وقبول الطلاب من خلفيات دينية مختلفة إلى جعل جامعة فيينا بيئة أكاديمية متنوعة.
تضم جامعة فيينا اليوم 18 كلية مختلفة والعديد من مراكز الأبحاث، وتقدم 181 برنامجًا للحصول على درجة علمية. وتغطي مجالات البحث في الجامعة اللاهوت والقانون والعلوم الاقتصادية والعلوم الطبيعية والإنسانية، مما يجذب الطلاب والعلماء من جميع أنحاء العالم. وقد حظيت سمعتها الأكاديمية باعتراف دولي أيضًا، وقام العديد من الحائزين على جائزة نوبل بالتدريس هنا.
تعتبر جامعة فيينا مهد المدرسة النمساوية للاقتصاد وكان لها تأثير عميق على تطوير الاقتصاد والعلوم الاجتماعية.
يعكس هذا التاريخ الطويل والتأثير الأكاديمي الواسع والإصلاحات الرائدة الدور المهم الذي تلعبه جامعة فيينا في التعليم والتنمية الاجتماعية. ومع تطور الأوقات، تواصل الجامعة التكيف ومواجهة التحديات الجديدة.
فكيف ستتمكن هذه الجامعة ذات التاريخ الطويل من مواصلة تقاليدها وابتكاراتها في المستقبل؟ 」