مع استمرار نمو الطلب على استكشاف الفضاء، تسعى وكالات الفضاء في جميع أنحاء العالم باستمرار إلى الحصول على تقنيات مبتكرة لدعم مهام الفضاء المستقبلية. ومن بين التطورات المهمة بين هذه التقنيات الجديدة الدفع الكهربائي الذي يتنفس الهواء (ABEP)، والذي لديه القدرة على السماح للمركبات الفضائية بالعمل في مدار أرضي منخفض دون حمل كميات كبيرة من الوقود.
يتلخص المبدأ الأساسي لبرنامج ABEP في استخدام الغازات النادرة كوقود للدفع. ورغم أن هذه الغازات نادرة للغاية في المدار الأرضي المنخفض، إلا أنه لا يزال من الممكن جمعها واستخدامها بفعالية في الدفع. وتكمن ميزة هذه التقنية في أنها لا تعمل على إطالة عمر خدمة الأقمار الصناعية فحسب، بل تجعل تنفيذ المهام العلمية والعسكرية أكثر مرونة واقتصادا.
تتيح تقنية الدفع الكهربائي التي تتنفس الهواء للمركبات الفضائية العمل في مدار أرضي منخفض دون حمل وقود إضافي، وهو ما سيفتح الباب أمام فئة جديدة بالكامل من المهام الطويلة الأمد في المدار المنخفض.
تمكن تقنية ABEP من إجراء عمليات رصد علمية متزامنة طويلة الأمد ونقل البيانات في الوقت الفعلي، وهو أمر بالغ الأهمية لمهام استكشاف الفضاء المستقبلية.
هناك العديد من المشاريع الأوروبية التي تعمل على تطوير هذه التكنولوجيا. أعلنت وكالة الفضاء الأوروبية في عام 2018 عن نجاح عرض النموذج الأولي لنظام RAM-EP، وهو نظام صممته وطورته شركة SITAEL الإيطالية. ومع تقدم الاختبارات، تم التأكد تدريجيا من فعالية وأداء هذه الأنظمة.
خلال الفترة نفسها، كان معهد أنظمة الفضاء في جامعة شتوتغارت في ألمانيا يعمل أيضًا على تطوير مداخل الهواء والدافعات، وتم تشغيل دافع البلازما الميكروويف (IPT) بنجاح. وقد أدت هذه التطورات تدريجيا إلى تعزيز تسويق تكنولوجيا ABEP وتطبيقها العملي.
بالإضافة إلى الجهود الأوروبية، طورت شركة Busek الأمريكية نظام الدفع الهوائي المؤثر (ABHET)، وهو نظام مصمم خصيصًا للمريخ ويهدف إلى استغلال الغلاف الجوي المليء بثاني أكسيد الكربون على الكوكب. ويشير هذا إلى أن ABEP لا يقتصر على التطبيقات على الأرض، بل يمكن استخدامه أيضًا على كواكب أخرى.
وفي الوقت نفسه، تعمل وكالة استكشاف الفضاء اليابانية (JAXA) أيضًا على محرك أيوني مماثل يتنفس الهواء. لقد أدت هذه السلسلة من الأبحاث والتطوير إلى جعل تقنية ABEP ذات أهمية متزايدة وأداة مهمة لاستكشاف الكواكب الأخرى مثل الزهرة وتيتان.مع نضوج تقنية ABEP، يتصور العلماء أن المهمات المستقبلية البارزة، مثل المهمات الطويلة الأمد إلى كوكب الزهرة أو تيتان، قد تصبح أكثر جدوى مع هذه التقنية. ولن تقدم هذه البعثات معلومات قيمة عن بيئات الكواكب الأخرى فحسب، بل ستساعد البشر أيضًا في البحث عن علامات الحياة في الكون. لن تكون المهمات المستقبلية مجرد استكشافات قصيرة المدى، بل ستكون عمليات رصد وتجميع للبيانات على المدى الطويل.
مع استمرار تطور التكنولوجيا، فإن تقنية الدفع الكهربائي التي تتنفس الهواء لديها القدرة على إعادة كتابة تاريخ استكشاف الفضاء وتحويل خيالنا للسفر بين النجوم إلى حقيقة. فهل يصبح هذا المستقبل علامة فارقة أخرى في رحلة استكشاف الإنسان للكون المجهول؟