مع تسارع وتيرة استكشاف الإنسان للفضاء، يتزايد الطلب على الإقامة طويلة الأمد في الفضاء تدريجيًا أيضًا. إن العيش في بيئة الجاذبية الصغرى في الفضاء الخارجي لفترة طويلة من الزمن من شأنه أن يسبب سلسلة من المشاكل الصحية لجسم الإنسان. لذلك، أصبح إنشاء بيئة جاذبية اصطناعية موضوعًا مهمًا للعلماء. ومن بين هذه الحلول، تم الاعتراف تدريجيا بمفهوم محطة الفضاء الدوارة كحل محتمل لهذه المشكلة.
محطة الفضاء ذات العجلات، والمعروفة أيضًا باسم عجلة فون براون، هي تصميم افتراضي لمحطة فضاء على شكل عجلة مستديرة. تم اقتراح هذا المفهوم لأول مرة من قبل العالم كونستانتين تسيركوفسكي في عام 1903، وتم الترويج له وتحسينه فيما بعد من قبل هيرمان بودوكنيك وفالتر فون براون. المبدأ الأساسي لهذا التصميم هو توليد قوة الطرد المركزي من خلال الدوران، وبالتالي محاكاة جاذبية الأرض.
يدور هذا النوع من محطات الفضاء حول محوره لخلق بيئة يختبر فيها شاغلوها تسارعًا مركزيًا مشابهًا للجاذبية.
بافتراض أن نصف قطر محطة الفضاء هو r والسرعة الزاوية هي ω، يمكن التعبير عن التسارع الخطي a عند حافتها على النحو التالي: a = -ω²r
. يمكن لهذا التصميم أن يحاكي نظريا تسارع جاذبية الأرض، مما يسمح للبشر بالعيش في الفضاء لفترات طويلة من الزمن دون أن يتأثروا بسهولة بالآثار السلبية لانعدام الجاذبية.
لقد تم استكشاف ومناقشة مفهوم محطة الفضاء ذات العجلات الدوارة بعمق من قبل العديد من العلماء وكتاب الخيال العلمي منذ القرن العشرين. اقترح تسيركوفسكي فكرة استخدام الدوران لتوليد الجاذبية الاصطناعية في عام 1903، بينما قدم بودوكنيك تصميم محطة فضائية بعجلات دوارة يبلغ قطرها 30 مترًا في كتابه "مشاكل السفر في الفضاء" واقترح حتى وضعها في مدار ثابت بالنسبة للأرض. . وفي خمسينيات القرن العشرين، قام فون براون وويلي لي بتحديث هذه الفكرة في مجلة The Scientist Magazine، وصمما محطة فضائية دوارة يبلغ قطرها حوالي 76 مترًا لتوفير الدعم للمركبات الفضائية التي تسافر إلى المريخ.
إذا نجح بناء مثل هذه المحطة الفضائية، فسوف يكون ذلك بمثابة خطوة كبيرة إلى الأمام في تاريخ استكشاف الفضاء البشري.وقد تم توسيع هذا المفهوم حتى في تصميم محطة الفضاء الدائرية في ستانفورد التي اقترحتها وكالة ناسا في عام 1975، مما يدل على إمكانية قيام البشر ببناء مدن في الفضاء في المستقبل. ومع ذلك، ونظرا للتحديات المختلفة المرتبطة ببناء محطة فضائية كهذه، مثل قدرات النقل المحدودة للولايات المتحدة وغيرها من البلدان القادرة على السفر إلى الفضاء، والميزانيات غير الكافية، لم تحاول ناسا بعد بناء محطة فضائية ذات عجلات.
لا يقتصر تصميم محطات الفضاء الدوارة على البحث العلمي فحسب، بل يظهر أيضًا على نطاق واسع في أعمال الخيال العلمي. سواء كان الأمر يتعلق برواية ألكسندر بيلييف "نجم كيتس" أو العمل السينمائي والتلفزيوني الكلاسيكي "أوديسة الفضاء"، فقد أصبح التصميم الدوار العنصر الأساسي في العديد من الأعمال. في فيلم 2001: ملحمة الفضاء، جذبت فكرة وجود رواد فضاء يعيشون في محطة فضائية دوارة انتباه الجمهور.
محطة الفضاء الدوارة ليست مجرد خيال علمي، بل لديها القدرة أيضًا على أن تصبح موطنًا جديدًا للحياة البشرية في المستقبل.
رغم أن مفهوم محطة الفضاء الدوارة ذات العجلات يحمل إمكانات كبيرة، إلا أن بناءها وتنفيذها لا يزال يواجه العديد من التحديات التقنية والمالية. كيف يمكن التغلب على هذه المشاكل بشكل فعال وجعل الجاذبية الاصطناعية حقيقة واقعة؟ هذا هو الموضوع الذي يجب على العلماء التفكير فيه بعمق. مع تقدم التكنولوجيا ورغبة البشرية في الفضاء، هل سنتمكن من الحصول على محطة فضائية صالحة للسكن على عجلات أثناء السفر بين النجوم في المستقبل؟