في النخاع الشوكي، المادة الرمادية هي عبارة عن متاهة مقسمة إلى ثلاث مناطق رئيسية: المادة الرمادية الأمامية والخلفية والجانبية. تشكل هذه المناطق الرمادية جزءًا لا يتجزأ من الجهاز العصبي، حيث تلعب كل منها أدوارًا مهمة مختلفة ولكنها مترابطة. إن فهم وظائف وخصائص هذه المناطق الرمادية الثلاث لن يساعدنا فقط في استكشاف كيفية عمل الجهاز العصبي، بل سيوفر أيضًا فهمًا أعمق للأمراض والعلاجات ذات الصلة.
تتكون المادة الرمادية الأمامية من مجموعة متنوعة من الخلايا العصبية، والتي تعد مسؤولة بشكل أساسي عن توصيل الأعصاب الحركية ولها تأثير مباشر على حركة العضلات الهيكلية.تحتوي المادة الرمادية الأمامية، أو القرن الأمامي للحبل الشوكي، في المقام الأول على الخلايا العصبية الحركية ألفا، والخلايا العصبية الحركية جاما، والخلايا العصبية الصغيرة التي يشتبه في أنها خلايا عصبية وسيطة. وظيفة هذه الخلايا العصبية هي الاتصال بالعضلات الهيكلية والتحكم في القوة التي تنقبض بها العضلات. وعلى وجه الخصوص، يمكن لخلايا ألفا الحركية أن تؤثر بشكل مباشر على ألياف العضلات الخارجية، وبالتالي تؤثر على حركة العضلة بأكملها.
الخلايا العصبية الحركية ألفا ضرورية لانقباض العضلات. أجسام خلاياها أكبر حجمًا وتستطيع استقبال المعلومات من الجهاز الحسي.
تحتوي الخلايا العصبية الحركية جاما على أجسام خلوية أصغر من الخلايا العصبية الحركية ألفا وهي مسؤولة عن التحكم في حساسية المغازل العضلية لتمدد العضلات.
لم يتم فهم فسيولوجيا الخلايا العصبية الصغيرة بشكل كامل، ولكن يُعتقد أنها تلعب أدوارًا تنظيمية مهمة في الجهاز العصبي المركزي.
قد تعمل هذه الخلايا العصبية الصغيرة كخلايا عصبية مثيرة ومثبطة على حد سواء، وسوف تساعد الأبحاث الإضافية في الكشف عن أسرارها. تتضرر الخلايا العصبية في المادة الرمادية الأمامية في العديد من الأمراض العصبية، مثل التصلب الجانبي الضموري (ALS).
المادة الرمادية الخلفية هي مركز معالجة المعلومات العصبية المسؤول عن دمج المعلومات الحسية من الجهاز العصبي المحيطي.
المادة الرمادية الخلفية، أو القرن الخلفي للحبل الشوكي، مقسمة إلى ست طبقات، تسمى طبقات الركس، على أساس المعلومات الحسية التي تتلقاها. تعمل الخلايا العصبية هنا بشكل أساسي على معالجة الألم واللمس والمعلومات الحسية الأخرى وهي البوابة الأولى إلى الدماغ.
الطبقتان الأولى والثانية مخصصتان لتلقي الأحاسيس المرتبطة بالألم، حيث تتكون الطبقة الثانية بشكل أساسي من الخلايا العصبية المتوسطة وهي المسؤولة عن التوسط في إدراك الألم ودرجة الحرارة.
تستقبل هاتان الطبقتان إشارات من الضغط الميكانيكي وتشاركان في تنظيم الإحساس بالألم.
تستقبل الطبقة الخامسة المعلومات من المستقبلات الميكانيكية، بينما تتخصص الطبقة السادسة في معالجة المعلومات الحسية من العضلات والمفاصل.
تحتوي المادة الرمادية الجانبية على أجسام الخلايا العصبية الأمامية للجهاز العصبي اللاإرادي وتتلقى المعلومات من جذع الدماغ والأعضاء والوطاء. إن وظيفة هذه الخلايا العصبية مهمة بشكل خاص لأنها مسؤولة عن تنظيم الاستجابات التلقائية للأعضاء الداخلية. الأهمية السريرية تظهر الخلايا العصبية في المادة الرمادية الأمامية أضرارًا كبيرة في مجموعة متنوعة من الأمراض العصبية، وخاصة التصلب الجانبي الضموري (ALS)، واعتلال النخاع الشوكي، واعتلال العضلات الدماغية. تؤدي هذه الظروف إلى انخفاض كبير في عدد معظم الخلايا العصبية الحركية. من ناحية أخرى، تلعب المادة الرمادية الخلفية دورًا مهمًا في نظام الألم، وهي الناقل الأساسي لنقل الألم، وغالبًا ما تظهر خللًا في أمراض الألم المزمن.المادة الرمادية الجانبية توجد فقط في منطقة الصدر وأعلى الخصر، وهي مرتبطة بالجهاز العصبي اللاإرادي، وتنظم وظائف الأعضاء الداخلية.
هل فكرت يومًا في أي من هذه المناطق الرمادية الثلاث لها التأثير الأكبر على حياتنا اليومية؟