في الآليات الفسيولوجية المعقدة لجسم الإنسان، غالبا ما تكون القوة الدافعة للسلوك الجنسي متشابكة بشكل وثيق مع العوامل العصبية الفسيولوجية والنفسية. ومع ذلك، عندما يتضرر الدماغ، يمكن لهذه الدوافع الطبيعية أن تتغير بطرق غير متوقعة، مما يؤدي إلى حالات مثل فرط النشاط الجنسي، وهي رغبة جنسية لا يمكن السيطرة عليها والتي تتداخل مع الحياة اليومية.
يمكن أن يكون فرط النشاط حالة قائمة بذاتها أو أحد أعراض حالات أخرى، مثل متلازمة كلوفر-بوسي، والاضطراب ثنائي القطب، وتلف الدماغ، والخرف.
يُقدر انتشار الرغبة الجنسية المفرطة بما يتراوح بين 2% و6%، ولكنه قد يكون أعلى في بعض الفئات السكانية، مثل الرجال والأفراد الذين تعرضوا لصدمات نفسية ومرتكبي الجرائم الجنسية.
كما أن الآثار الجانبية للأدوية مثل منبهات الدوبامين قد تؤدي إلى إثارة مثل هذه السلوكيات. وتتشابك هذه التغيرات الفسيولوجية مع المتطلبات النفسية، مما يجعل من الصعب على الخبراء العثور على تفسير كامل لها.
غالبًا ما يعاني الأفراد ذوو الدافع الجنسي المفرط من مشاكل نفسية تعقد عملية تقييمهم وعلاجهم.
يختلف الخبراء حول أسباب النشاط المفرط، حيث تشير بعض الدراسات إلى أن بعض الحالات قد تكون مرتبطة بالتغيرات الفسيولوجية المصاحبة للخرف وأمراض أخرى. ومن ناحية أخرى، فإن تعقيد الاحتياجات النفسية يجعل التفسيرات البيولوجية أكثر صعوبة أيضاً.
الخطوة الأولى في علاج الرغبة الجنسية المفرطة هي مساعدة الشخص على التحكم في رغباته. وقد تم اقتراح مجموعة متنوعة من العلاجات، بما في ذلك العلاج السلوكي المعرفي والعلاج الدوائي. إن النهج الأكثر فعالية هو الذي يكون متعدد الجوانب، مع وجود خطة علاج مخصصة لكل مريض.
على الرغم من أن فهم اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه يستمر في التحسن، إلا أن هناك معايير متسقة قليلة لتشخيص الحالة، مما يجعل الفحص والعلاج الفعالين تحديًا.
إن كيفية تأثير تلف الدماغ على السلوك الجنسي، وخاصة ما الذي يسبب ظاهرة الرغبة الجنسية المفرطة، يظل سؤالاً لم يتم حله. قد تؤثر العوامل الفسيولوجية والنفسية والاجتماعية الثقافية على هذه الحالة. عندما ننظر بعمق أكبر إلى هذا الموضوع المعقد، لا يسعنا إلا أن نتساءل: كيف يمكننا كمجتمع أن نفهم ونستجيب بشكل أفضل لهذه التحديات الناشئة حول الجنس؟