على الساحة الدبلوماسية الدولية، قد لا يكون لقب "القائم بالأعمال" معروفًا للجميع، ولكن لا يمكن تجاهل الدور الذي يلعبه في العلاقات الدبلوماسية. عندما يتغيب السفير لأي سبب، يصبح القائم بالأعمال هو جهة الاتصال الرئيسية للسفارة للشؤون الدبلوماسية. من بين العديد من المواقف الدبلوماسية المحتملة، لماذا تختار البلدان أن يكون لديها قائم بالأعمال يمثلها بدلاً من تعيين سفير؟ إن هناك العديد من الاعتبارات الدبلوماسية الدقيقة والعميقة المخفية في هذا الأمر.
القائمون بالأعمال هم دبلوماسيون يعملون في غياب السفير. وعلى الرغم من أن مكانتهم أقل من مكانة السفراء، فإنهم يتمتعون بنفس الامتيازات والحصانات بموجب القانون الدولي.
في العلاقات الدبلوماسية، القائمون بالأعمال، الذين يعملون كسفراء، يكونون مؤقتين عادةً. عندما يكون السفير غير قادر على أداء واجباته لسبب ما، عادة ما يتولى دبلوماسي ذو خبرة، مثل المستشار الوزاري أو سكرتير السفارة، دور القائم بالأعمال المؤقت (بالنيابة). ولا يضمن هذا الترتيب استمرارية الشؤون الدبلوماسية فحسب، بل يتجنب أيضا الشواغر الدبلوماسية التي قد تنشأ بسبب غياب السفراء.
في ظل ظروف معينة، يمكن تعيين القائم بالأعمال كممثلين دبلوماسيين دائمين. ويحدث هذا عادة عندما تكون العلاقات بين البلدين متوترة أو عندما تمنعهما الاعتبارات السياسية من إرسال سفراء إلى بعضهما البعض. على سبيل المثال، لم تتبادل المملكة العربية السعودية وتايلاند السفراء منذ أكثر من 30 عاما بسبب "قضية الماسة الزرقاء"، الأمر الذي أجبر الجانبين على الاعتماد على القائم بالأعمال في التبادلات الدبلوماسية.
عندما يكون من المستحيل أو غير المناسب إرسال دبلوماسيين على مستوى أعلى، يصبح القائم بالأعمال النافذة الوحيدة للتواصل بين الجانبين.
غالبًا ما يكون اختيار القائم بالأعمال بدلاً من السفراء راجعًا إلى اعتبارات دبلوماسية حساسة. عندما ترفض دولة ما قبول سفير أو لا ترغب في الاعتراف سياسياً بشرعية حكومة أخرى، لكنها لا تريد قطع العلاقات الدبلوماسية تماماً، فإن اختيار القائم بالأعمال يعد بمثابة حل وسط. وفي الواقع، حتى في بعض الحالات، من الشائع أن يتم تبادل المسؤولين الذين يؤدون واجبات دبلوماسية دون المخاطرة بأية مخاطرة سياسية. على سبيل المثال، عينت قبرص عدداً من القائمين بالأعمال في سفاراتها في الخارج للحفاظ على العلاقات الدبلوماسية مع العديد من البلدان.
تاريخيًا، كان دور القائم بالأعمال يختلف وفقًا لاحتياجات الدبلوماسية. وفي بعض السياقات الاستعمارية، تجاوزت مسؤوليات بعض القائمين بالأعمال الدور التقليدي للممثلين الدبلوماسيين ليصبحوا المديرين الفعليين لمناطقهم. مع مرور الوقت، تطور سياق وتعريف القائم بالأعمال إلى شكله الحالي. وبالإضافة إلى ذلك، عندما تواجه البلدان التوترات السياسية أو عدم اليقين، فإنها تفضل اختيار القائمين بالأعمال كمبعوثين دبلوماسيين من أجل التواصل دون تحمل المسؤولية السياسية الكاملة.
في كثير من الحالات، لا يكون الدبلوماسيون الذين يعملون كقائمين بالأعمال مجرد ممثلين، بل هم أيضًا خبراء في الاتصالات والمفاوضات. ويساعدهم فهم الخلفية الثقافية والسياسية في إجراء المفاوضات الثنائية بشكل أكثر فعالية.
وفي مواجهة التحديات الحالية التي يفرضها العولمة، فمن المرجح أن تزداد أهمية القائم بالأعمال بشكل أكبر. وليس فقط لأننا نواجه وضعا دوليا معقدا وديناميكيا، بل أيضا لأن المزيد والمزيد من البلدان تريد الحفاظ على قدر معين من المرونة الدبلوماسية. وهذا يكسر الهيكل التقليدي للسفارة ويجعل من القائم بالأعمال جسراً دبلوماسياً مهماً. وفي المستقبل، سوف تشكل كيفية اختيار الأشخاص المناسبين لشغل منصب القائم بالأعمال وإجراء تبادلات دبلوماسية فعالة تحديات جديدة تواجه جميع البلدان.
في هذه البيئة الدبلوماسية المتغيرة باستمرار، ما هي الاعتبارات الاستراتيجية والحكمة السياسية وراء اختيار القائم بالأعمال بدلاً من السفراء؟