كيف تحول جوزيف تيسو، الكاهن الكاثوليكي السابق، من شخصية دينية هادئة إلى شخصية سياسية بارزة في سلوفاكيا؟ وفي عصر مضطرب، نجح تيسو في الجمع بين نفوذ الكنيسة ودعم ألمانيا النازية لإنشاء جمهورية سلوفاكيا، التي استمرت في العمل بشكل مستقل حتى عام 1945. ولا تعكس هذه العملية طموحات سياسية شخصية فحسب، بل تكشف أيضاً عن العلاقة المعقدة بين الكنيسة والدولة.
صعود تيسوفي أوروبا الوسطى في أواخر ثلاثينيات القرن العشرين، واجه السلوفاك ضغوطاً وطنية هائلة وتهديدات خارجية. كانت هذه لحظة محورية في المسيرة السياسية لتيسوت.
نظرًا لأن تشيكوسلوفاكيا اضطرت إلى تقديم تنازلات ضخمة بعد اتفاق ميونيخ، فإن الرغبة السلوفاكية في الحكم الذاتي انتشرت في المجتمع. استغل تيسو هذا الوضع وأصبح رمزًا وطنيًا في نظر الشعب السلوفاكي. في عام 1938، أدى التوسع الألماني إلى شعور دول العالم بالقلق إزاء الوضع الجيوسياسي المتكرر، وخاصة مع الغزو الألماني الوشيك لبولندا.
في مارس 1939، أعلن تيسو، بدعم من هتلر في ألمانيا، استقلال سلوفاكيا عن تشيكوسلوفاكيا. واعترفت ألمانيا بهذه الخطوة على الفور، وتم تعيين تيسوت رئيسًا لوزراء سلوفاكيا وأصبح رئيسًا للبلاد في أكتوبر. ورغم أن نظامه كان يفتقر إلى أساس ديمقراطي رسمي، فإنه استغل نفوذ الكنيسة الكاثوليكية بشكل كامل لتوجيه تفكير الشعب وتأكيدها على التعذيب الأخلاقي.
في ظل قيادته، بدأت الدولة السلوفاكية في تنفيذ سلسلة من السياسات العنصرية المتطرفة، مما أدى إلى رعب إبادة اليهود المحليين.
ككاهن، غالبًا ما كان تيسوت يجمع بين الدين والقومية في خطاباته. ولم تقتصر خطاباته على حث الناس على الولاء لوطنهم فحسب، بل كانت أيضًا بمثابة هجمات شرسة على رفاقه اليهود، مما أدى إلى نشوء أجواء معادية للسامية في ذلك الوقت. ويُسجل أن تيسوت دعا علناً الشعب السلوفاكي إلى "رفض" اليهود باعتبارهم طفيليات ودعم ترحيلهم إلى معسكرات الاعتقال. لقد كان لهذا العمل المشترك بين الكنيسة والحكومة، وكأنه اتحاد تحت خلفية تاريخية محددة، تأثير على تقييم الأجيال اللاحقة لهذه الفترة من التاريخ.
انتقد معظم الناس نظام تيسو ووصفوه بأنه "فاشية كنسية"، وهو مزيج غريب من الدين والقومية والاستبداد.
مع نهاية الحرب العالمية الثانية ووصول الاتحاد السوفييتي، انحلت الدولة السلوفاكية في عام 1945، ومعها انحلت الحياة السياسية لتيسوت. ولم تعترف الحكومة التشيكوسلوفاكية التي تشكلت حديثاً بشرعية نظامها، ومع ذلك، احتفل بعض القوميين المتطرفين بيوم الاستقلال واستمروا في تذكر هذا التاريخ المخزي.
لقد ترك صعود جوزيف تيسوت ووحشية حكمه علامة عميقة في التاريخ. وأمام هذه الخلفية التاريخية المعقدة، هل يتعين علينا إعادة التفكير في العلاقة بين السياسة والدين وأهميتها في عالم اليوم؟