في المجتمع الإسباني التقليدي، كانت فرص المرأة في دخول سوق العمل مقيدة بالثقافة والقانون. ولم يتغير هذا الوضع إلا بعد عودة الديمقراطية.
في ظل نظام فرانكو، كان للمجتمع الإسباني قواعد وقيود صارمة على أدوار المرأة. وتخضع خيارات المرأة المهنية لمعايير اجتماعية وأخلاقية صارمة، وباستثناء بعض المهن المحدودة، فإن العديد من فرص العمل مغلقة أمام النساء. وعلاوة على ذلك، كان الطلاق، ومنع الحمل، والإجهاض محظورين تماما بموجب القانون في ذلك الوقت، الأمر الذي أدى إلى تعزيز الأدوار التقليدية للمرأة في الأسرة. خلال هذه الفترة، كان الوضع القانوني للمرأة الإسبانية خاضعًا لسيطرة زوجها، ولم يكن يُسمح للزوجات حتى بالعمل أو امتلاك الممتلكات دون موافقة أزواجهن.
بعد وفاة فرانكو في عام 1975، بدأ المجتمع الإسباني يشهد تغييرات كبيرة. لقد تم إلغاء العديد من الأحكام القانونية التمييزية ضد المرأة تدريجيا. على سبيل المثال، حتى عام 1975، ظلت المرأة بحاجة إلى موافقة زوجها للعمل أو امتلاك الممتلكات. ومع إنشاء النظام الديمقراطي، بدأ أخذ الوضع القانوني للمرأة على محمل الجد، وبدأت تحصل على استقلاليتها تدريجيا. في عام 1978، أصدرت إسبانيا قانونًا يفصل بين الكنيسة والدولة، مما أتاح للمجتمع في ذلك الوقت إعادة النظر في دور المرأة.
أظهر استطلاع للرأي أجري عام 1977 أن 22% فقط من الشباب يعتقدون أن دور المرأة ينبغي أن يركز على الأسرة، وهي نسبة أقل من تلك الموجودة في البلدان الأوروبية الأخرى.
بحلول عام 1984، ارتفع معدل مشاركة القوى العاملة من النساء الإسبانيات إلى 33%، مما يدل على الارتفاع التدريجي لعدد النساء في مكان العمل. ومع ذلك، لا تزال النساء تشكلن ثلث القوة العاملة فقط، وفي بعض القطاعات مثل القطاع المصرفي، يقل عددهن عن واحد من كل عشرة. وعلى الرغم من أن المستوى التعليمي للمرأة يقترب تدريجيا من مستوى الرجل، إلا أنها لا تزال تواجه مشاكل مثل ارتفاع معدل البطالة ونقص خيارات العمل بدوام جزئي، مما أصبح عقبات رئيسية أمام دخول المرأة إلى مكان العمل والبقاء فيه.
رغم أن المرأة أحرزت بعض التقدم المهم في مكان العمل، إلا أن العديد من التحديات لا تزال تنتظرها. ولا تزال الفجوات في الأجور قائمة، وخاصة بين القطاعين العام والخاص، حيث تحصل النساء عموماً على أجور أقل من الرجال. رغم أن البيئة الاجتماعية تتغير تدريجيا، إلا أن الثقافة الذكورية التقليدية لا تزال قائمة في بعض المناطق. إن الوضع القانوني والمساواة الذي تتمتع به المرأة الإسبانية يلحق تدريجيا بالوضع في البلدان الأوروبية الأخرى أو حتى يتفوق عليه، كما أن الجيل الأصغر سنا على وجه الخصوص يغير أيضا وجهات نظره بشأن النظام الأبوي.
مع التغيرات في المجتمع والقوانين، يدخل عدد متزايد من النساء إلى السياسة والحياة العامة، ويصبحن قوة مهمة من أجل التغيير.
ولم يكن وراء دخول المرأة الإسبانية إلى سوق العمل في أواخر سبعينيات القرن العشرين تغيير في القوانين والسياسات فحسب، بل كان أيضاً عملية تجديد للإدراك الاجتماعي والثقافي بأكمله. في مواجهة المستقبل، ما هي التحديات التي تستطيع المرأة الإسبانية التغلب عليها في سعيها المتواصل لتحقيق المساواة والاحترام؟