يعتبر مفهوم توزيع النمو في النباتات، أي النسب النسبية للكتلة الحيوية في الأعضاء المختلفة للنبات، مجالًا مهمًا في علم الأحياء النباتي. اعتمادًا على الظروف البيئية التي يتواجد فيها النبات، فإن تخصيص نموه سيتغير أيضًا وفقًا لذلك. تؤثر هذه التعديلات على استراتيجيات بقاء النباتات. وخاصة في حالات عدم كفاية الضوء، فإن كيفية توزيع النباتات للطاقة بين الأوراق والجذور تشكل موضوعًا مهمًا للباحثين.
تلعب أعضاء مختلفة من النبات أدوارًا محددة في النظام البيئي: حيث تلتقط الأوراق ضوء الشمس لعملية التمثيل الضوئي، بينما تمتص الجذور الماء والمواد المغذية بكفاءة.
أثناء عملية نموه، قد يقوم كل نبات بتعديل نمط نموه وفقًا للتغيرات في البيئة الخارجية. عندما تكون الظروف البيئية أقل من المثالية، مثل عدم كفاية الضوء أو نقص العناصر الغذائية، فإن النباتات ستغير توزيع كتلتها الحيوية للتكيف مع هذه الظروف. على سبيل المثال، في البيئات ذات الإضاءة المنخفضة، تميل النباتات إلى زيادة نمو الأوراق، مما يؤدي إلى تحسين كفاءتها التمثيلية الضوئية بشكل أكبر. في حالة نقص المياه أو العناصر الغذائية فإن نمو الجذور سيزداد للحصول على المزيد من المياه والعناصر الغذائية. وتسمى هذه الظاهرة "التوازن الوظيفي" أو "نظرية التخصيص الأمثل".
هذه التعديلات ليست مجرد استجابة للظروف البيئية، بل إنها تتأثر أيضًا بمرحلة نمو النبات نفسه وخصائص الأنواع.
غالبًا ما تتضمن دراسة توزيع النمو كيفية توزيع السكريات المثبتة أثناء عملية التمثيل الضوئي على أعضاء مختلفة من النباتات. على الرغم من أن هذه العملية بسيطة نسبيًا من حيث المفهوم، إلا أن قياسها الفعلي معقد للغاية. ويحتاج الباحثون إلى استخدام أدوات متطورة لقياس امتصاص الكربون من قبل النبات بأكمله ودمجها مع بيانات النمو لأجزاء مختلفة من النبات لإنشاء ميزانية الكربون ومن ثم فهم التوزيع المحدد للسكريات.
خلال المراحل المبكرة من حياة النبات، يكون تخصيص النمو مشابهًا إلى حد كبير للتخصيص الفعلي للكتلة الحيوية؛ ومع ذلك، مع نضوج النبات، يمكن أن يتحول هذا التخصيص بشكل كبير.
مع نضوج النباتات، تتغير نسبة الكتلة الحيوية في الأعضاء المختلفة. على سبيل المثال، تتراوح نسبة كتلة الأوراق الشائعة (LMF) في النباتات العشبية الصغيرة بين 0.3 و0.7، بينما في الأشجار الكبيرة قد تنخفض هذه القيمة إلى أقل من 0.05 لأنه سيتم استخدام المزيد من الموارد لبناء جذع خشبي قوي. ولهذا السبب، ورغم أهمية قدرة الجذور على امتصاص الماء والعناصر الغذائية، فإن تخصيص الموارد قد يختلف في مراحل مختلفة من نمو النبات.
أظهرت الدراسات أن العوامل البيئية لها أيضًا تأثير كبير على تخصيص نمو النبات؛ ففي ظل ظروف الإضاءة العالية، ستقلل النباتات من نسبة كتلة أوراقها، والعكس صحيح.
يختلف نمط توزيع الكتلة الحيوية باختلاف الأنواع. على سبيل المثال، تكون درجات حجم الأوراق في نباتات الفصيلة الباذنجانية مرتفعة عمومًا، في حين تكون تلك الخاصة بفصيلة البلوط منخفضة نسبيًا. بالإضافة إلى ذلك، فإن النباتات العشبية ثنائية التفرع عادةً ما يكون لها نسبة كتلة أوراق أعلى ونسبة كتلة جذور أقل مقارنة بالنباتات الأخرى. لا تؤثر هذه الاختلافات على سرعة نمو النباتات فحسب، بل تؤثر أيضًا على كيفية عمل النظم البيئية بأكملها.
كل هذا يوضح الدور الرئيسي الذي يلعبه توزيع النمو في بقاء النباتات وتكاثرها.
مع تغير البيئة العالمية، أصبح الباحثون مهتمين بشكل متزايد بكيفية تكيف النباتات مع هذه التغيرات، وخاصة في مواجهة المناخات القاسية والموارد المحدودة. وبما أن النباتات تعمل باستمرار على تعديل استراتيجيات تخصيص النمو لإدارة الموارد، فقد نتمكن أيضًا من الحصول على بعض الإلهام منها والتفكير في كيفية تمكن البشر من البحث عن أفضل استراتيجيات الاستجابة عندما يواجهون نقصًا في الموارد؟