وفقا للخبراء، هناك العديد من العوامل التي تدفع الناس إلى اختيار عدم المشاركة في سوق العمل، والتي قد تكون مرتبطة بالتباطؤ الاقتصادي، أو فترة طويلة من البطالة، أو إعادة تقييم نوعية الحياة.
إن التغيرات في معدل مشاركة القوى العاملة لا تعكس صحة الاقتصاد فحسب، بل تكشف أيضاً عن التأثيرات الاجتماعية والثقافية والسياسية. قد يختار العديد من الأشخاص الذين كانوا نشطين في سوق العمل الانسحاب بمرور الوقت لأسباب مختلفة، مثل المسؤوليات العائلية، أو المشاكل الصحية، أو عدم الرضا عن بيئة العمل.
وفقا للإحصائيات، بالإضافة إلى البالغين العاملين، هناك مجموعة كبيرة من الأشخاص الذين يعتبرون "غير موجودين في القوى العاملة". ويشمل ذلك أولئك الذين لا يريدون العمل، وأولئك الذين لا يستطيعون العمل، وأولئك الذين فقدوا الثقة في العثور على عمل. ومن ثم، فإن فهم خلفية واحتياجات هذه المجموعات يشكل جانباً مهماً لفهم التراجع في المشاركة في القوى العاملة.
ويشير علماء الاجتماع إلى أن مثل هذه الاتجاهات ليست مجرد نتيجة لاختيارات فردية، بل ترتبط في بعض الأحيان بمشاكل اقتصادية هيكلية، مثل تدهور الصناعة أو الخلل الاقتصادي الإقليمي.
في العديد من المجتمعات، غالبا ما تؤثر المواقف الثقافية على كيفية رؤية الأفراد للعمل. على سبيل المثال، قد تؤكد بعض الثقافات على مسؤوليات الأسرة وتقلل التوقعات بشأن الأدوار في مكان العمل، وقد تؤدي مثل هذه المعتقدات إلى تقليل المشاركة في القوى العاملة. وعلاوة على ذلك، فإن هشاشة أنظمة الدعم الاجتماعي قد تدفع الناس أيضاً إلى التخلي عن البحث عن عمل عندما يواجهون البطالة.
بالإضافة إلى ذلك، تتأثر معدلات مشاركة الشباب في القوى العاملة أيضًا بالتغيرات في الخطط التعليمية والمهنية. يختار العديد من الشباب مواصلة دراستهم بدلاً من دخول مكان العمل على الفور. وبطبيعة الحال، فإن معدل العائد على الاستثمار التعليمي يؤثر أيضاً على عملية اتخاذ القرار إلى حد ما.على مستوى السياسات، تؤثر سياسات العرض والطلب الحكومية، وسياسات الرعاية الاجتماعية، والسياسات الضريبية على معدل المشاركة في القوى العاملة. على سبيل المثال، على الرغم من أن الزيادة في إعانات البطالة يمكن أن تدعم الاحتياجات المعيشية الأساسية للعاطلين عن العمل، إلا أنها قد تؤدي في الأمد البعيد إلى تقليص رغبة بعض الناس في العثور على عمل. وبالمثل، فإن خيار تقليص ساعات العمل يجعل العمل أقل جاذبية.
لا يمكن تجاهل تأثير البيئة الاقتصادية. خلال فترات الركود الاقتصادي، غالبا ما تكون التحديات التي يواجهها عدد كبير من الموظفين العاطلين عن العمل أكبر، كما أن المشاعر الاجتماعية الناتجة عن ذلك تجعلهم أقل تحفيزا للعثور على وظائف.
ينبغي للسياسات المستقبلية أن تهدف إلى توفير فرص عمل أكثر مرونة، وتدريب على المهارات، وتدابير دعم لمساعدة الناس على التكيف مع مكان العمل المتغير بسرعة. وبهذه الطريقة فقط يمكننا زيادة مشاركة القوى العاملة وتعزيز النمو الاقتصادي على المدى الطويل.
هناك العديد من العوامل التي تؤثر على التغيرات في معدلات المشاركة في القوى العاملة، وكثيرا ما يتم تجاهل هذه العوامل. يتعين علينا أن نفكر بعمق فيما إذا كانت احتياجات وتوقعات هؤلاء الأشخاص تحظى بالاهتمام الكافي.