<ص> تتواجد هذه البكتيريا بشكل طبيعي في أمعاء الحيوانات ذوات الدم الحار، ومعظم سلالاتها غير ضارة أو حتى مفيدة للإنسان. إنها تمثل حوالي 0.1٪ من التركيب الميكروبي في الأمعاء وتساعد المضيف في تصنيع فيتامين K2 ومنع استعمار البكتيريا المسببة للأمراض الضارة. ولهذا السبب، تكونت علاقة بيولوجية متبادلة بين الإشريكية القولونية وجسم الإنسان، مما يحقق التعايش من أجل المنفعة المتبادلة. ص> <ص> ومع ذلك، ليست كل سلالات الإشريكية القولونية صديقة. يمكن لبعض السلالات المسببة للأمراض (مثل EPEC وETEC) أن تسبب تسممًا غذائيًا حادًا، وطريق انتقالها الرئيسي هو انتقال البراز إلى الفم. كما أن وجود هذه البكتيريا المسببة للأمراض يجعل الإشريكية القولونية أحد الكائنات الحية المؤشرة للكشف عن التلوث البرازي في العينات البيئية. في السنوات الأخيرة، قام العلماء بدراسة مكثفة للبيئة القاسية للإشريكية القولونية، والتي يمكنها البقاء على قيد الحياة لعدة أيام خارج المضيف. ص> <ص> من السهل ورخيص نمو بكتيريا الإشريكية القولونية في المختبر، وقد أصبحت هذه البكتيريا حجر الزاوية في أبحاث البيولوجيا الجزيئية والهندسة الوراثية منذ الثمانينيات. يمكن أن يكون معدل انتشار الإشريكية القولونية سريعًا مرة واحدة كل 20 دقيقة في ظل ظروف مواتية، مما يسمح للباحثين بالحصول على عينات كافية لإجراء تجارب مختلفة في فترة قصيرة من الزمن. ص>تُعد الإشريكية القولونية أكثر الكائنات الحية النموذجية بدائية النواة التي تمت دراستها على نطاق واسع في عالم البكتيريا. ص>
<ص> فيما يتعلق بالبيولوجيا والكيمياء الحيوية، تُظهر الإشريكية القولونية قدراتها الأيضية المتنوعة، حيث تكون قادرة على البقاء على ركائز مختلفة والاستفادة من التخمر الحمضي المختلط للحصول على الطاقة. مثل هذه الخصائص لا تجعل الإشريكية القولونية نموذجًا بكتيريًا مرنًا فحسب، بل توفر أيضًا معلومات غنية لدراسة تنظيم الجينات ومسارات التمثيل الغذائي. ص> <ص> هناك أيضًا ظاهرة تسمى "تثبيط التمثيل الغذائي" في الإشريكية القولونية، والتي تجعل البكتيريا تفضل السكر الأسرع نموًا عند مواجهة مصادر سكر متعددة، وبالتالي الاستفادة بكفاءة من الموارد الأيضية المحدودة. بالإضافة إلى ذلك، تنقسم دورة خلية الإشريكية القولونية إلى ثلاث مراحل، وسيزداد معدل تكاثرها بشكل ملحوظ عندما تكون العناصر الغذائية كافية. ص> <ص> ومن خلال عمليات مثل نقل الجينات الأفقي والانتقال المشترك للبكتيريا، أثبتت الإشريكية القولونية قدرتها على التكيف الجيني، الأمر الذي لا يمكّنها من البقاء في البيئات المتغيرة فحسب، بل يشجع أيضًا على تكوين سلالات ممرضة جديدة. تظهر الأبحاث أن معظم مسببات الأمراض الإشريكية القولونية تظهر من خلال نقل الجينات. ص>يظهر جينوم الإشريكية القولونية تنوعًا كبيرًا مقارنة بالبكتيريا الأخرى. ص>
<ص> ومع التقدم السريع في علم الجينوم، تم فك تشفير التسلسل الجينومي الكامل لبكتيريا الإشريكية القولونية لأول مرة في عام 1997، مما يشير إلى المكانة المهمة لهذه البكتيريا في البحث العلمي. وفي السنوات التالية، تم تحليل جينومات مئات من سلالات الإشريكية القولونية المختلفة، ووجد الباحثون أن مرونة وتنوع جينوماتها يمثل قيمة علمية كبيرة. ص> <ص> باختصار، إن الإشريكية القولونية، باعتبارها نموذجًا لأبحاث علم الأحياء الدقيقة والتكنولوجيا الحيوية، لا تعمل على تعميق فهمنا للبيولوجيا الميكروبية فحسب، بل تفتح أيضًا العديد من الاتجاهات الجديدة للهندسة الوراثية والتطبيقات الطبية الحيوية. ومع ذلك، فإن استخدام هذه البكتيريا يدفعنا أيضًا إلى التفكير: كيف يمكننا الاستفادة بشكل أفضل من خصائص الإشريكية القولونية لحل المشكلات الصحية والبيئية العالمية في الأبحاث العلمية المستقبلية؟ ص>إن تنوع وابتكار الإشريكية القولونية يجعلها مركزًا للأبحاث الفطرية والبكتيرية. ص>