مع تسارع وتيرة التحضر، بدأ عدد متزايد من الحيوانات البرية في التكيف والتكاثر في البيئات الحضرية. وقد دفعت قواعد البقاء المذهلة التي تتضمنها هذه البيئات الناس إلى التفكير في الكيفية التي يمكن بها للحيوانات البرية أن تتكامل مع الحياة البشرية. من حيوانات الراكون في الساحات الخلفية إلى الثعالب في حدائق المدينة، فقد تكيفت هذه الحيوانات ليس فقط في أماكن معيشتها ولكن أيضًا في سلوكها.
من الواضح أن المناطق الحضرية غنية بالموارد اللازمة لتوفير مساحات معيشية جيدة، وتستطيع العديد من الحيوانات الاستفادة من البيئات التي أنشأها البشر للحصول على الغذاء والمأوى. غالبًا ما تختار هذه الحيوانات أن تكون نشطة في الليل لتجنب التدخل البشري، حتى أن بعض الأنواع بدأت في الانتقال إلى مناطق أكثر حضرية، مثل الغزلان ذات الذيل الأبيض والطائرات الورقية. تظهر استراتيجيات البقاء التي تتبعها هذه الحيوانات البرية كيف تستغل قواعد المجتمع البشري من أجل البقاء.إن قدرة الحياة البرية على التكيف في البيئات الحضرية تشكل مثالاً واضحاً للتفاعل بين النظم البيئية والتحضر.
إن العديد من الأنشطة البشرية في المناطق الحضرية تؤدي بشكل غير مقصود إلى إنشاء موائل يمكن للحياة البرية استغلالها، مثل:
<أول>يبدو أن اعتماد هذه الحيوانات البرية على البيئة الحضرية يعتمد على اتجاهين، ويشير علماء البيئة إلى أن بقاء الحيوانات الحضرية مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالأنشطة البشرية. توفر المناطق الحضرية سهولة الوصول إلى الموارد التي تحتاجها، لذا فإن العديد من الحيوانات بدأت تتكيف مع هذا النمط من الحياة.إن مهارات البقاء التي تتمتع بها الحيوانات البرية تسمح لها بالعثور على مصادر غذائية جديدة في المدن، في حين أن السلوك البشري يخلق بيئات إضافية.
ومع ذلك، فإن عملية التحضر هذه يمكن أن تسبب بسهولة أيضًا ضغوطًا على الحياة البرية. إن إزالة الغابات وتلوث الأنهار وتدمير الموائل كلها عوامل تهدد بقاء العديد من الأنواع المحلية. وقد دفع هذا الخلل البيئي الخبراء إلى إجراء مناقشات معمقة حول كيفية حماية النظم البيئية الحضرية.
بالإضافة إلى تدهور الموائل، تواجه الحيوانات في المدن أيضًا تهديدات من مسببات الأمراض التي ترتبط في كثير من الأحيان ارتباطًا وثيقًا بالأنشطة البشرية. إن التنمية الحضرية المستدامة يجب أن تنطلق من السلوك البشري لتقليل الأثر السلبي على الحياة البرية والبيئة الإيكولوجية.
وقد ركزت الحكومات والمنظمات غير الحكومية على العمل مع المجتمعات المحلية لإيجاد حلول للتعايش مع الحياة البرية، بما في ذلك بناء ممرات بيئية، واستخدام المتنزهات الحضرية كموائل للحياة البرية، وتثقيف الناس حول كيفية العيش في وئام مع الحيوانات.إن كيفية إرساء نموذج للتعايش المتناغم بين البشر والحيوانات البرية سوف يشكل قضية مهمة في التخطيط الحضري المستقبلي.
على سبيل المثال، اتخذت السلطات في بعض المدن تدابير لحماية طرق هجرة الحيوانات المحلية وأنشأت أنابيب عبور خاصة وجسور علوية للسماح للحيوانات البرية بالمرور بأمان، مما يقلل من الصراعات بين الناس والحيوانات. إن هذه الممارسة لا تحمي الحيوانات فحسب، بل تعمل أيضًا على تعزيز وعي الناس واحترامهم للحيوانات البرية.
بالإضافة إلى ذلك، بدأت العديد من المدن في تنفيذ مفاهيم التصميم الحضري "الصديقة للحياة البرية" لتقليل التدخل في الحياة البرية. وقد قامت بعض المدن بإنشاء مناطق تكاثر أو نقاط إمداد غذائي للحياة البرية في حدائقها لجذب المزيد من الأنواع المحلية.
لقد أظهرت المدن في جميع أنحاء العالم أن الحياة البرية لا تستطيع البقاء على قيد الحياة في المدن فحسب، بل وتزدهر في هذه البيئات الاصطناعية. هذه الظاهرة تدفعنا إلى التفكير حول الدور الذي يجب أن يلعبه الإنسان في بقاء النوع؟ هل مازلنا قادرين على العيش في وئام مع هذه المخلوقات، أم أن هذا التعايش هو مجرد حلم جميل؟إن هذه التدابير لا تظهر فقط مدى تركيز البشرية على الطبيعة، بل إنها تشكل أيضاً خطوة مهمة نحو التوازن البيئي المستقبلي.