ظهر مصطلح برج العاج لأول مرة في سفر نشيد الأناشيد في الكتاب المقدس، ليمثل رمزًا للنقاء والسمو. لكن مع مرور الوقت، تغير معنى الكلمة تدريجيا، وبدأ يشير إلى حالة من الانفصال عن المجتمع الحقيقي. في سياق اليوم، غالبًا ما يستخدم البرج العاجي لوصف الخبراء والعلماء في الأوساط الأكاديمية الذين يعيشون في مرتفعات المعرفة ولكنهم غير مبالين بالاحتياجات العملية والسخرية في الحياة اليومية.
البرج العاجي هو حالة من العزلة المتميزة، حيث يختار الناس الانفصال عن العالم والتركيز على اهتماماتهم الروحية والفلسفية.
نشأ ما يسمى "البرج العاجي" من الفصل السابع من نشيد الأناشيد. وكان يستخدم في الأصل لوصف جمال المرأة ونقائها. ثم استُخدم هذا الرمز لاحقًا لوصف العذراء مريم. في مجتمع حيث غالبًا ما يُساء فهم مثل هذه الرمزية أو يتم تبسيطها، تردد صدى البرج العاجي الحديث وتغير بشكل كبير عن قصده الأصلي.
في عام 1837، استخدم الناقد الأدبي الفرنسي شارل أوغستين دي سانتبوف مصطلح "البرج العاجي" لأول مرة لوصف شاعر في قصيدته، واصفًا إياه بأنه حالم منغلق على نفسه، على النقيض من الكتاب الذين كانوا أكثر اهتمامًا بالمجتمع. مثل هذا تناقض حاد مع هوغو. يكشف هذا التصوير الأدبي عن الوحدة الكامنة وراء السعي وراء المعرفة والتي يمثلها البرج العاجي، كما يعكس أيضًا القلق والهروب من الواقع الاجتماعي.
هذه الصورة مليئة بالسخرية من أولئك الذين يكرسون أنفسهم كثيرًا للدراسة الأكاديمية، مما يوحي بأنهم غير قادرين على إقامة اتصال فعال مع العالم الخارجي في مساعيهم.
اليوم، يستخدم مصطلح البرج العاجي على نطاق واسع لوصف الخبراء والعلماء في الأوساط الأكاديمية. وهم معروفون بأبحاثهم ومنشوراتهم الأكاديمية، ولكنهم يتعرضون أيضًا للانتقاد بسبب انفصالهم بشكل متزايد عن المجتمع وافتقارهم إلى القدرة على معالجة القضايا الاجتماعية الكبرى. وقد أدى هذا الوضع في الأوساط الأكاديمية إلى دفع العديد من الباحثين إلى الانغماس في المصطلحات والمعارف المهنية لبعضهم البعض، وغالبًا ما يجدون صعوبة في التواصل بشكل فعال مع عامة الناس.
يؤدي هذا السيناريو إلى السؤال التالي: هل يمكن للبحث في الأوساط الأكاديمية اليوم أن يؤثر على مجتمعنا ويعمل على تحسينه؟
ويشير النقاد إلى أن كتاب الشعر الحديث يجب أن يخرجوا من هذا "البرج العاجي" وإلا فإنهم سيقتصرون على دائرة إبداعية نخبوية.
في العصر الحديث، ومع تطور العولمة وتزايد أهمية المشاكل الاجتماعية، يواجه البرج العاجي أيضًا تحديات التحول والتكيف. لم يعد العلماء مجرد باحثين؛ بل أصبح عدد متزايد منهم ينخرطون في الشؤون العامة لمعالجة التحديات المختلفة التي تواجه المجتمع. وهذا تطور جدير بالثناء لأنهم لم يعودوا يقتصرون على أبحاثهم المهنية الخاصة، بل يطبقون معرفتهم لحل مشاكل العالم الحقيقي.
ولكن هل يمكن لمثل هذا التحول أن يؤدي حقا إلى هدم البرج العاجي وتمكين الأوساط الأكاديمية من إقامة علاقات أوثق مع المجتمع؟ وعندما نتأمل هذه القضية، هل نبحث أيضًا عن توازن جديد حتى تتمكن المساعي الأكاديمية والاحتياجات الاجتماعية من تعزيز بعضها البعض؟
الخاتمة: إعادة التفكير في البرج العاجي كان البرج العاجي في الماضي رمزًا للحكمة والإبداع، لكن المجتمع الحديث يتطلب من المجتمع الأكاديمي مواجهة العديد من التحديات العملية. وفي هذه العملية، يحتاج الباحثون في الأبراج العاجية إلى التفكير باستمرار في أدوارهم ومسؤولياتهم. كيف يمكننا الحفاظ على الجودة الأكاديمية مع الحفاظ على التواصل الوثيق مع عامة الناس؟ وهذه قضية هامة يجب على المجتمع الأكاديمي المعاصر أن يأخذها بعين الاعتبار.