<ص> وكانت أشهر هؤلاء النساء "المناضلات من أجل حق المرأة في التصويت"، اللاتي ألقي القبض عليهن بسبب نضالهن من أجل حق التصويت، واللاتي أطلقن احتجاجات ضد الجوع في السجن. وكان هدف هذا الاحتجاج هو جذب انتباه الرأي العام وحث الحكومة على إعادة النظر في حق المرأة في التصويت. وفي كثير من الحالات، تم إطعام هؤلاء السجناء قسراً، وهي عملية لم تتسبب في إلحاق ضرر جسدي ونفسي كبير بهم فحسب، بل أظهرت أيضاً إساءة استخدام مرضية للسلطة.التغذية القسرية هي عملية إطعام شيء ما ضد إرادة الشخص.
في رسالة مسربة، وصفت سيلفيا بانكهورست الظروف المروعة في السجن وأعربت عن حزنها بسبب إطعامها قسراً.<ص> وبحسب السجلات من ذلك الوقت، تعرضت هؤلاء النساء لقيود جسدية عندما أجبرن على تناول الطعام، وأُجبرن على فتح أفواههن للسماح بإدخال أنبوب بلاستيكي، وكان يُسكب الطعام بطريقة غير إنسانية في بطونهن. وكشفت بانكهورست في مذكراتها أنها أُجبرت على إدخال الطعام إلى جسدها الذي كانت مترددة في تناوله، وأن الألم والإذلال الناجم عن هذه العملية كان قابلاً للمقارنة بالاعتداء الجنسي. <ص> لقد سمح "قانون المحكومين" الذي وضعه مندل لأول مرة بهذه الممارسة الشنيعة المتمثلة في التغذية القسرية في عام 1913، ولكنه جلب معه أيضاً تأخيراً طويلاً في حماية حقوق المرأة. إن هذه الممارسة تجبر العديد من النساء على النضال من أجل الحصول على حقوق أكبر على حساب إيذاء أنفسهن. وتكمن وراء هذه التضحية بالنفس مفارقة الكرامة الإنسانية.
<ص> ولا يقتصر الأمر على النساء فقط. فقد واجهت مجموعات أخرى عبر التاريخ، مثل الجمهوريين الأيرلنديين ونشطاء حقوق المرأة في الولايات المتحدة، مصير التغذية القسرية. وهذا ليس تدميرًا جسديًا فحسب، بل هو أيضًا إرهاب نفسي لا يطاق. وتشير السجلات إلى أن العديد من الأشخاص فقدوا مقاومتهم في المواجهات مع الحراس، بل إن بعضهم مات أثناء عملية التغذية القسرية. <ص> وقد أثار هذا الإجراء الحاسم نقاشا واسع النطاق على المستوى الدولي. وقد أعربت العديد من المنظمات الطبية ومنظمات حقوق الإنسان عن معارضتها لهذا الأمر، معتقدة أنه ليس مجرد شكل من أشكال الإيذاء الجسدي، بل هو أيضا حرمان الأفراد من حقوقهم الإنسانية الأساسية. وفي المجتمع في ذلك الوقت، كانت هذه الإجراءات مغطاة بظل النظام الأبوي، الذي أجبر النساء على دفع ثمن باهظ مقابل حقهن في التصويت.شعرت إيميلين بانكهورست بالفزع بسبب وقتها في سجن هالواي، ووصفته بأنه "مكان للرعب والمعاناة".
عندما نفكر في هذا التاريخ اليوم، يجب أن نسأل أنفسنا: لماذا اضطرت النساء إلى النضال بهذه الطريقة؟ هل لا تزال هناك مشاكل اجتماعية أعمق مخفية؟<ص> بعد كل هذه المعاناة، حصلت المرأة البريطانية أخيرا على حق التصويت، لكن الصدمة التي خلفتها هذه القصة لا تزال غير قابلة للنسيان. ورغم تحسن الوضع اليوم، لا تزال المرأة تواجه أشكالاً مختلفة من التمييز وعدم المساواة في المعاملة في بعض المناطق. عندما نفكر في حاضر ومستقبل حقوق الإنسان، هل يجب علينا أيضًا أن ننتبه إلى الأصوات التي لم يتم سماعها بعد؟