في مجال العلوم الاجتماعية، يعد التعليم المقارن أحد التخصصات المهمة للغاية. فهو لا يركز فقط على الأنظمة التعليمية في البلدان المختلفة، بل يغطي أيضًا الروابط العالمية الأكثر تعمقًا. ويلتزم المتخصصون في هذا المجال بتعزيز تطوير التعليم العالمي ومحاولة رؤية أوجه التشابه والاختلاف بين أنظمة التعليم من أجل تحسين جودة التعليم وتعزيز التنمية الاجتماعية.
وفقًا لإكشتاين ونوح، فإن التعليم المقارن له خمسة أغراض رئيسية: وصف الأنظمة التعليمية، والمساعدة في تطوير المؤسسات والممارسات التعليمية، والتأكيد على العلاقة بين التعليم والمجتمع، وتأسيس بيانات عامة حول التعليم صالحة. عبر البلدان، ولمساعدة المعاصرين على فهم الماضي. نظام التعليم.
يعتقد كثير من الناس خطأً أن التعليم المقارن لا يشير إلا إلى مقارنات بسيطة بين البلدان. والواقع أن التعليم المقارن يشمل أيضاً تأثير المؤسسات الدولية والتعليم العابر للحدود الوطنية. منذ الأبحاث المبكرة، سعى الخبراء إلى استكشاف كيفية تأثر أنظمة التعليم دوليًا في سياقات ثقافية مختلفة. على سبيل المثال، في بلد مثل الولايات المتحدة حيث لا يوجد شهادة وطنية للمرحلة الثانوية، يفكر العلماء بانتظام في إيجابيات وسلبيات الدول المستقلة.
قد يسخر المنتقدون من استنتاجات التعليم المقارن باعتبارها "اقتراضًا للسياسات"، ويجادلون بأن السياسات ينبغي تطويرها على أساس الاحتياجات المحلية بدلاً من الاعتماد على الممارسات الناجحة في بلدان أخرى. ومع ذلك، يزعم المؤيدون أن العديد من التحديات التعليمية متشابهة بغض النظر عن الموقع الجغرافي، وأنه من الضروري التعلم من نجاحات أو إخفاقات البلدان الأخرى.
لا يقتصر نطاق التعليم المقارن على التعليم فحسب، بل يتشابك أيضًا مع تخصصات أخرى مثل علم الاجتماع وتعليم التنمية الدولية. وقد نجحت بعض البلدان في ترسيخ التعليم المقارن كمجال مستقل للدراسة، بينما لا يزال في أماكن أخرى تخصصًا متطورًا متعدد التخصصات يركز على المقارنات المتعمقة لمجالات موضوعية محددة من وجهات نظر الخبراء في مجالات مختلفة.
على سبيل المثال، قد يقوم خبير في تعليم الرياضيات أو التعليم المدرسي الاجتماعي بتصميم دراسة لتسهيل الدراسات المقارنة للأنظمة التعليمية عبر البلدان وتحليل مجالاتها الدراسية المحددة. وهذا يسمح باستكشاف التعليم المقارن بشكل شامل من منظور كلي أو جزئي.يمكن تقسيم النظريات في التعليم المقارن إلى خمس فئات: النظرية الأساسية، والنظرية ما بعد الأساسية، وتكييف النظرية ومراجعتها، ونظرية السياسة والممارسة، والنهج متعددة التخصصات والناشئة.
تتضمن النظريات الأساسية المذكورة هنا البنيوية الوظيفية، والإمبريالية، والماركسية، وغيرها، والتي تحلل النظام التعليمي من خلال ارتباطاته الاجتماعية والسياسية والثقافية. مع مرور الوقت، تم دمج المزيد من النظريات ما بعد التأسيسية مثل ما بعد الاستعمار ونظرية النوع تدريجيًا في نطاق التعليم المقارن، مما أدى إلى تشكيل شبكة تخصصية أكثر تعقيدًا.
تلتزم العديد من المنظمات الدولية، مثل جمعية التعليم المقارن والدولي (CIES) وجمعية التعليم المقارن في الهند (CESI)، بتعزيز الفهم التعليمي العالمي وأنظمة البحث. ولا تعمل هذه المنظمات على توسيع نطاق التبادل الأكاديمي فحسب، بل تشجع أيضًا التعاون التعليمي بين الثقافات.
كان تطور التعليم المقارن في أمريكا اللاتينية بطيئًا وغير متساوٍ، ولكن منذ تسعينيات القرن العشرين شهدنا زيادة ملحوظة في أنشطة البحث والنشر في هذا المجال، مما يعكس تأثير الإصلاحات التعليمية.
في أوروبا، ومع تنفيذ عملية بولونيا، عززت الدول الأعضاء الترابط بين أنظمة التعليم، مع إعطاء أهمية للتنقل الدولي للطلاب وضمان جودة التعليم العالي. ولا تؤدي هذه الاتجاهات إلى تحسين نظام التعليم في حد ذاته فحسب، بل وتمكن أيضاً مختلف البلدان من التعلم والاستفادة من تجارب النجاح التعليمي لبعضها البعض.
إن هذا التعاون والبحث عبر الوطني يعكس في الواقع الروابط الاجتماعية والثقافية المتعمقة في عالم اليوم. سواء كان الأمر يتعلق بالمنظور الاجتماعي، أو الاقتراض السياسي، أو تفاعل النظريات التربوية، فإن التعليم لم يعد حكراً على بلد واحد.وفي نهاية المطاف، هل يمكن لمثل هذا البحث في التعليم المقارن أن يعزز أنظمة تعليمية أكثر عدالة وأعلى جودة في جميع أنحاء العالم؟ ربما هذا سؤال يجب على كل واحد منا أن يفكر فيه؟