<ص> وبحسب الإحصائيات فإن المصدر الرئيسي لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون على مستوى العالم لا يزال الوقود الأحفوري، حيث يمثل 73.7% من إجمالي الانبعاثات. كانت الصين والولايات المتحدة والهند والاتحاد الأوروبي (27 دولة) وروسيا والبرازيل أكبر الدول المسببة لانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في عام 2023، حيث تمثل 49.8% من سكان العالم و62.7% من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري. ومن الجدير بالذكر أن انبعاثات هذه البلدان تمثل نسبة ضخمة من الاقتصاد العالمي ولها أهمية حيوية في معالجة ظاهرة الاحتباس الحراري. وقد دفعت هذه البيانات إلى التفكير العميق بشأن المسؤولية البيئية. على الرغم من أن الصين هي أكبر مصدر لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون من حيث القيمة المطلقة، إلا أن انبعاثاتها للفرد الواحد أقل من انبعاثات الولايات المتحدة وغيرها من البلدان الصغيرة ذات الانبعاثات العالية، وذلك بالنظر إلى عدد سكانها الكبير. على سبيل المثال، بلغت انبعاثات الفرد في الصين في عام 2023 نحو 9.24 طن، في حين وصلت في الولايات المتحدة إلى 13.83 طن، وهو ما يظهر تباينا واضحا."لا تعتمد الانبعاثات على الهيكل الصناعي للبلد فحسب، بل إنها تتأثر أيضًا بشكل كبير بحجم سكانه."
وفي عصر العولمة هذا، تلعب التجارة الدولية أيضاً دوراً هاماً في حسابات الانبعاثات. إن المنتجات المنتجة في بعض البلدان يتم استهلاكها في بلدان أخرى، مما يعني أن هناك مسؤوليات بيئية عابرة للحدود الوطنية وراء العديد من السلع ذات الانبعاثات العالية. على سبيل المثال، يتم توليد جزء من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في آسيا وأفريقيا في الواقع لتلبية الطلب في الأسواق الأوروبية وأميركا الشمالية. مع استمرار ظاهرة الاحتباس الحراري، يتفق المجتمع العلمي على أن ثاني أكسيد الكربون يظل الغاز الدفيئة الرئيسي الناتج عن الأنشطة البشرية. وبحسب الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة، ارتفع متوسط درجة الحرارة العالمية في عام 2016 بالفعل بمقدار 1.1 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة. ولا يؤثر هذا التغيير على نظام المناخ فحسب، بل يفرض أيضًا تحديات على الحفاظ على التوازن البيئي. وعند مواجهة تحديات المناخ، ينبغي للدول أيضا أن تنشئ نظام تقييم أكثر علمية لا يعتمد فقط على الانبعاثات المطلقة، بل يهتم أيضا بالانبعاثات للفرد الواحد وتأثيرها المحتمل على المناخ. إن الفشل في تغيير أنماط الاستهلاك أو خفض توقعات الانبعاثات بحلول عام 2050 سوف يؤدي إلى كارثة لا رجعة فيها.قد يكون الأبطال البيئيون الحقيقيون هم تلك البلدان والأفراد الذين حققوا أداءً متميزًا في الحد من الانبعاثات للفرد الواحد.
ومن خلال تعزيز الطاقة المتجددة، يتعين على البلدان والشركات العمل معا للتحرك نحو اتجاه أكثر استدامة. وفي الوقت نفسه، ينبغي للحكومات أن تدرك أيضاً أن مشاكل المناخ العالمي لا يمكن حلها بالسياسات أو التكنولوجيات وحدها، وأنها تحتاج أيضاً إلى حشد مشاركة المجتمع بأكمله لتشكيل إجماع واتخاذ الإجراءات اللازمة. **الخلاصة هي أن كل شخص يمكن أن يكون مؤثرًا في البيئة، وعلينا أن نسأل أنفسنا: ما هي التغييرات التي يمكننا إجراؤها في حياتنا اليومية لتقليل بصمتنا الكربونية؟ **في مواجهة أزمة المناخ، يتعين علينا إعادة التفكير في أنماط سلوكنا السابقة وإيجاد طرق لخلق حياة صديقة للبيئة.