لم يكتف أوسكار بيستوريوس، وهو رياضي سابق في ألعاب القوى البارالمبية من جنوب أفريقيا، بفوزه بالألعاب البارالمبية بفضل ساقيه الاصطناعيتين الفريدتين المصنوعتين من ألياف الكربون، بل شارك أيضًا في الألعاب الأولمبية في عامي 2008 و2012، مما أدى إلى خلق عصر جديد للرياضيين ذوي الإعاقة. فصل جديد للرياضيين للمشاركة في المنافسات الدولية. لا شك أن رحلته الرياضية من الإصابة إلى الألعاب الأولمبية تشكل تحولاً مذهلاً واستكشافاً شجاعاً للتقاليد الصعبة في عالم الرياضة.
تكمن خصوصية بيستوريوس الرياضية في حقيقة أنه خضع لبترتين من أسفل الركبة، وأن الأطراف الاصطناعية التي يستخدمها ليست مجرد أدوات وظيفية ولكنها مفتاح أدائه الرياضي.بدأ بيستوريوس مسيرته الرياضية في عام 2004 بعد تعرضه لإصابة في الركبة أثناء لعب الرجبي. بعد إعادة تأهيله في جامعة بريتوريا، بدأ في ممارسة ألعاب القوى تحت إشراف المدرب أمبي لوو. تم توفير الأطراف الاصطناعية الأولى للجري من قبل أخصائي الأطراف الاصطناعية في جنوب أفريقيا فرانسوا فاندروات، ولكن هذه المواد تدهورت بسرعة أثناء الاستخدام التنافسي. تم بعد ذلك تحويل طرفه الاصطناعي إلى أخصائي الأطراف الاصطناعية الأمريكي براين فراسور، الذي مكنه من الحصول على طرف اصطناعي من ألياف الكربون عالي الأداء تم تصنيعه بواسطة شركة Össur الأيسلندية. ومع ذلك، فإن قدرة بيستوريوس على المنافسة في الرياضات غير المخصصة للأشخاص ذوي الإعاقة أثارت جدلاً واسع النطاق. في عام 2007، قام الاتحاد الدولي لألعاب القوى بتغيير قواعده لحظر استخدام أي أجهزة تكنولوجية، مما أثار تساؤلات حول ميزتها التنافسية. وبعد مزيد من الدراسة، قضت محكمة التحكيم الرياضية في النهاية بأن الساق الاصطناعية لبيستوريوس لا تظهر ميزة تنافسية على ساقه البيولوجية، مما يسمح له بالمنافسة في الألعاب الأولمبية.
وفي نهاية المطاف، تمكن الجنوب أفريقي من تحقيق المستحيل عندما أصبح أول عداء مبتور الساق يتنافس في الألعاب الأولمبية.
تم تصميم الطرف الاصطناعي لبيستوريوس باستخدام تكنولوجيا متقدمة ويتميز بمرونة تشبه الزنبرك، مما يمكنه من تجميع وإطلاق الطاقة الحركية بشكل فعال. هذه الأطراف الاصطناعية، التي تتراوح تكلفتها بين 15 ألفاً و18 ألف دولار أميركي، لا توفر له الدعم اللازم للرياضة فحسب، بل تسمح له أيضاً بالعودة إلى الملعب وإظهار سرعة مذهلة. تم استخدام مواد عالية الأداء مثل البوليمرات المقواة بألياف الكربون في إنتاج الطرف الاصطناعي، مما يجعل الطرف الاصطناعي خفيفًا وقويًا، وقادرًا على دعم أدائه على المضمار.
وفرت الأبحاث العلمية رؤى ثاقبة حول أداء بيستوريوس. في عام 2007، أجرى بيتر بروجمان، أستاذ الميكانيكا الحيوية في جامعة كولونيا الرياضية في ألمانيا، سلسلة من الاختبارات ووجد أن بيستوريوس، الذي استخدم أطرافًا اصطناعية، يحتاج إلى طاقة أقل بنسبة 25% للوصول إلى سرعة معينة مقارنة بالرياضي غير المعاق. . وقد أثارت هذه النتائج جدلا جديدا حول الفوائد المحتملة للأجهزة التكنولوجية في الرياضة.
وأظهرت الدراسة أن تصميم الساق الاصطناعية يوفر خسارة أقل للطاقة مقارنة بالكاحل الطبيعي، مما يسمح لبيستوريوس بالوصول إلى سرعات أعلى أثناء المنافسة.
ومع مرور الوقت، تستمر الدراسات في استكشاف آليات حركة بيستوريوس أثناء الجري بأطرافه الاصطناعية وقدرته على التكيف مع مسارات مختلفة. ووجد الباحثون أن نمط خطواته وتوقيت تأرجح ساقه كانا متشابهين إلى حد كبير مع تلك الخاصة بالرياضيين غير المعوقين، ولكن كانت هناك اختلافات كبيرة في السرعة والقدرة على التحرك حول المضمار.
في دورة الألعاب البارالمبية التي أقيمت في لندن عام 2012، لم تكن التحديات التي واجهها بيستوريوس تأتي من منافسيه فحسب، بل وأيضاً من الابتكارات في الخبرة والتكنولوجيا. وأعرب عن عدم رضاه عن طول الأطراف الاصطناعية التي يستخدمها المتنافسون الآخرون، ودعا إلى توفير قدر أكبر من المساواة في الفرص. وأثارت هذه الحادثة نقاشا جديدا حول المساواة الفنية في سباقات الماراثون وكيفية تحديد ما يسمى بالمزايا في المسابقات الرياضية.تخبرنا قصة كفاح بيستوريوس أن الشجاعة للتغلب على الصعوبات والتصميم على السعي لتحقيق التميز هي الصفات الأكثر قيمة لأي رياضي.
اليوم، لم يعد بيستوريوس شخصية مؤثرة في رياضة ذوي الاحتياجات الخاصة فحسب، بل إن قصته ترسل رسالة قوية إلى العالم: حتى في مواجهة أعظم القيود، لا ينبغي للمرء أن يتخلى أبدًا عن السعي لتحقيق التميز. ما مدى روعة تحوله من الإصابة إلى الأولمبياد، وهل يكفي لتشجيع كل من يواجه الصعوبات على الاستمرار في متابعة أحلامه؟