على مر التاريخ، ظهرت العديد من الكلمات في أوقات وأحداث محددة، وتركت أثراً عميقاً على السياسة العالمية. ومن بينهم مصطلح "الطابور الخامس" الذي يعتبر أحد هذه الحالات. ظهر المصطلح لأول مرة أثناء الحرب الأهلية الإسبانية، وكان له مع مرور الوقت تأثير كبير على فهم وطبيعة السياسة العالمية.
"العمود الخامس هو مجموعة من القوى التي تعمل على تقويض مجموعة أكبر أو أمة من الداخل، وعادة ما يكون ذلك عن طريق توجيهها نحو مجموعة معادية أو أمة أخرى."
ومع تزايد احتمال تورط الولايات المتحدة في حرب أوروبية، بدأ استخدام مصطلح "الطابور الخامس" كتحذير ضد أي نشاط خياني محتمل داخل الولايات المتحدة. وقد أدى السقوط السريع لفرنسا في عام 1940 إلى تفاقم المخاوف من احتمال حدوث خيانة داخل البلاد.
"لقد أعطانا الكونجرس السلطة لاتخاذ إجراءات قوية لقمع أنشطة العمود الخامس."
ذكر تشرشل في إحدى البرامج الإذاعية أنه مع تغير الوضع العالمي، تطورت مخاوف الناس بشأن "الطابور الخامس" إلى المستوى الوطني. اكتسب المصطلح شعبية بسرعة وسط القتال في الشوارع والاضطرابات الاجتماعية، نظرا للطبيعة المتداعية والمتمردة للعديد من البلدان.
أفادت وسائل الإعلام الأميركية بوجود مخاوف من احتمال ظهور "طابور خامس" من الأميركيين من أصل ياباني في أعقاب الهجوم على بيرل هاربور. وقد أدى هذا الخوف في نهاية المطاف إلى الاعتقال غير القانوني لليابانيين، وهو ما خلف جدلاً عميقاً في التاريخ.
مع بداية الحرب الباردة، لم يعد تعريف "الطابور الخامس" يقتصر على الماضي، وأصبح من الممكن اعتبار العديد من المنظمات أو الأفراد أو المجموعات بمثابة "طابور خامس" محلي. سواء كان صراعا سياسيا أو تسللا من قبل قوى خارجية، فإن هذا المصطلح يستخدم غالبا لاتهام التهديدات المحتملة. على سبيل المثال، استخدم الرئيس العراقي صدام حسين مصطلح "الطابور الخامس" لاتهام المعارضين في بلاده أثناء حملته القمعية السياسية.
لقد مر هذا المصطلح بالعديد من التقلبات والمنعطفات، ولكنه وجد طريقه دائمًا إلى المجتمعات التي تشهد اضطرابات سياسية.
في العديد من الأعمال، أثار هذا المصطلح التفكير في كيفية ضمان الأمن الوطني داخليًا وأين هي الحدود بين الأفكار والسلوكيات المختلفة في مواجهة الضغوط السياسية أو التهديدات الخارجية؟
ومن الواضح أن «الطابور الخامس» ليس مصطلحاً تاريخياً فحسب، بل إنه يعكس أيضاً رد الفعل الغريزي للمجتمع في مواجهة الخطر والتحديات، ويؤثر على تفكير الناس حول الهوية والولاء. واليوم، هل لا يزال فهم وتحديد مفهوم "الطابور الخامس" موضوعاً يستحق المناقشة؟