منذ اكتشاف فيروس نقص المناعة البشرية في عام 1983، أصبح جينوم وبروتينات فيروس نقص المناعة البشرية موضوعًا لأبحاث واسعة النطاق. في وقت ما، اعتقد الناس خطأً أن هذا الفيروس هو شكل من أشكال فيروس سرطان الدم التائي البشري (HTLV)، والذي من المعروف أنه يؤثر على الجهاز المناعي البشري ويسبب بعض أنواع سرطان الدم. ومع ذلك، تمكن باحثون من معهد باستور في باريس من عزل فيروس رجعي غير معروف سابقًا له بنية جينية مختلفة من مرضى الإيدز، والذي تم تسميته فيما بعد بفيروس نقص المناعة البشرية.
يتكون جسيم فيروس نقص المناعة البشرية من غلاف فيروسي ومصفوفة مرتبطة به تحيط بالنواة الداخلية، والتي تحتوي بدورها على نسختين من جينوم الحمض النووي الريبي أحادي السلسلة والعديد من الإنزيمات.وقد مكنت هذه التطورات التكنولوجية العلماء من الحصول على فهم أعمق لبنية فيروس نقص المناعة البشرية. تم حل التسلسل الجينومي الكامل لفيروس نقص المناعة البشرية-1 بدقة نوكليوتيد واحد. يحتوي جينوم فيروس نقص المناعة البشرية على عدد صغير من البروتينات الفيروسية التي تقيم علاقات تعاونية فيما بينها وبين فيروس نقص المناعة البشرية وبروتينات المضيف من أجل غزو الخلايا المضيفة واختطاف آلياتها الداخلية. يختلف تركيب فيروس نقص المناعة البشرية بشكل كبير عن الفيروسات الرجعية الأخرى.
يتكون الهيكل الأساسي للفيروس من اثنين من الحمض النووي الريبوزي أحادي السلسلة غير المرتبطين تساهميًا، والموجب الاتجاه، وعادة ما يكونان متطابقين.
أحد الأسباب الرئيسية هو أن فيروس نقص المناعة البشرية يحتوي على اثنين من الحمض النووي الريبوزي بدلاً من واحد فقط، وهو ما له مزايا متعددة. أولاً، تعمل هاتان الحمضان النوويتان على تسهيل إعادة تركيب فيروس نقص المناعة البشرية من النوع 1 أثناء النسخ العكسي، وبالتالي زيادة التنوع الجيني. بالإضافة إلى ذلك، عندما يواجه النسخ العكسي انقطاعًا في الحمض النووي الريبي الفيروسي، فإن وجود الحمض النووي الريبي يسمح له بالتبديل بين القوالب، وبالتالي إكمال النسخ العكسي دون فقدان المعلومات الجينية.
ومع ذلك، فإن هذا الجينوم ثنائي الترابط من الحمض النووي الريبي قد يلعب أيضًا دورًا هيكليًا في تكاثر الفيروسات. إن مكونات الحمض النووي الريبوزي الموجودة في الفيروس لا توفر التنوع فحسب، بل تضمن أيضًا اتساق وسلامة عمل الفيروس.
ينتج جينوم فيروس نقص المناعة البشرية تسعة منتجات جينية مختلفة من جينوم يقل حجمه عن 10 كيلو بايت من خلال نظام ربط الحمض النووي الريبي التفاضلي.
بعد عملية التركيب، تدخل هذه البروتينات إلى داخل جسيم الفيروس. ومن بينها، يعد جين gag مسؤولاً عن الأساس الجسدي الأساسي، في حين يوفر جين pol الآلية الأساسية لتكاثر الفيروسات الرجعية. إن وجود هذه الجينات المهمة يمكّن فيروس نقص المناعة البشرية من دخول الخلايا المضيفة بشكل فعال وتعزيز تكاثره.
العناصر التنظيمية لفيروس نقص المناعة البشريةيعتبر النظام التنظيمي لفيروس نقص المناعة البشرية من النوع 1 معقدًا للغاية ويتضمن بعض الجينات التنظيمية المهمة، مثل Tat وRev. يعتبر Tat مترابطًا بشكل كبير مع عملية النسخ العكسي لفيروس نقص المناعة البشرية، وتتمثل وظيفته الرئيسية في ضمان التركيب الفعال لـ mRNA الفيروسي. يضمن Rev تركيب البروتينات الرئيسية لفيروس نقص المناعة البشرية وهو ضروري لتكاثر الفيروس.
وعلى نحو مماثل، تلعب البروتينات التنظيمية المساعدة مثل Vpr وVif وNef أيضًا دورًا رئيسيًا في قدرة الفيروس على الانتشار. إن الطبيعة متعددة الوظائف لهذه البروتينات الإضافية تمكن فيروس نقص المناعة البشرية من التكيف والبقاء في بيئات مختلفة وتشكل جزءًا من قدرته على التحور المستمر.تؤثر هذه البروتينات التنظيمية بشكل كبير على دورة حياة فيروس نقص المناعة البشرية من خلال التأثير على بنية الحمض النووي الريبي وتغيير عملية النسخ العكسي بشكل كبير.
يُعتقد أن التركيب الثانوي للحمض النووي الريبي لفيروس نقص المناعة البشرية يلعب دورًا مهمًا في تنظيم تكاثر الفيروس، مما يساعد الفيروس على التحرك خلال المراحل المختلفة من دورة حياته بكفاءة أكبر.مع التقدم في علم الأحياء البنيوي، أصبح العلماء يكتسبون فهمًا أعمق لفيروس نقص المناعة البشرية، وقد أظهرت هذه التقنيات المتقدمة إمكانات كبيرة في تطوير اللقاحات وطرق العلاج.
لا شك أن آلية تكاثر فيروس نقص المناعة البشرية وكيفية تكيفه وتطوره ستظل موضوعًا ساخنًا للأبحاث المستقبلية. ومع تعمق الأبحاث، يظل من المثير للتفكير معرفة ما إذا كان بوسعنا العثور على لقاح أو علاج فعال يدوم لفترة طويلة.