في الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين، شهدت اللغويات الحاسوبية فترة من التطور السريع. باعتباره أحد رواد هذا المجال، فإن خوارزمية إنشاء القواعد النحوية التي نشرها فيكتور ينجفي عام 1960 لم تؤثر فقط على تكنولوجيا معالجة اللغة الطبيعية، بل ألهمت أيضًا التطوير اللاحق للشبكات الدلالية.
تعتمد خوارزمية إنشاء قواعد اللغة الخاصة بـ Yngve على قواعد بنية العبارة، والتي تمكن أجهزة الكمبيوتر من إنشاء جمل غير منطقية صحيحة نحويًا. لقد فتح هذا العمل اتجاهًا بحثيًا جديدًا، مما يسمح للعلماء بالبدء في استكشاف الجوانب الدلالية لإنتاج اللغة وفهمها.الشبكة الدلالية هي بنية تنظم المعرفة وتمثلها من خلال الروابط بين المفاهيم، والتي عادة ما يتم عرضها في شكل رسم بياني أو شبكة.
إن "البنية النحوية للجمل" المذكورة في دراسة ينجفي جعلت الباحثين يدركون أن الاعتماد على القواعد النحوية وحدها لا يكفي لفهم معنى اللغة بعمق. ولهذا السبب، بدأت الشبكات الدلالية تجذب الاهتمام وأصبحت أداة مهمة لدراسة تمثيل اللغة والمعرفة.
يتكون الهيكل الأساسي للشبكة الدلالية من "العقد" و"الحواف"، حيث تمثل العقد المفاهيم وتمثل الحواف العلاقات الدلالية بين هذه المفاهيم. يمكن أن تكون هذه العلاقات عبارة عن مرادفات، أو متضادات، أو علاقات أعلى-أدنى، وما إلى ذلك، مما يشكل شبكة معرفية متعددة المستويات.
توفر الشبكات الدلالية طريقة لنمذجة العلاقات بين المفاهيم، مما يتيح للأنظمة استخلاص استنتاجات تتجاوز الروابط الواقعية الأساسية.
في ستينيات القرن العشرين، استلهم باحثون مثل شيلدون كلاين وروبرت سيمونز فكرة Yngve وقاموا بتوسيع هذه الفكرة لتشمل بناء الشبكات الدلالية وتطبيقها. واعتُبر بحثهم تقدمًا مهمًا في مجالات معالجة اللغة الطبيعية والذكاء الاصطناعي في ذلك الوقت.
على سبيل المثال، قام M. Ross Quillian وزملاؤه بالتحقق بشكل أكبر من فعالية الشبكات الدلالية في مشروع SYNTHEX الذي أجرته شركة Systems Development Corporation. لا تعمل هذه الأعمال على إثراء نطاق توليد القواعد النحوية فحسب، بل إنها تضع الأساس لنظرية تمثيل المعرفة أيضًا.
مع مرور الوقت، وجد الويب الدلالي تطبيقات في علوم الكمبيوتر، واللغويات، وغيرها من العلوم الاجتماعية. لا تُستخدم الشبكات الدلالية اليوم لتمثيل المعرفة البسيطة فحسب، بل تلعب أيضًا دورًا في جوانب مختلفة من معالجة اللغة الطبيعية، مثل التحليل الدلالي، وإزالة غموض معنى الكلمات، وما إلى ذلك.WordNet هو مثال مشهور، حيث ينظم الكلمات الإنجليزية في شبكة تعتمد على العلاقات الدلالية. فهو لا يوفر مرادفات الكلمات فحسب، بل يساعد الآلات أيضًا على فهم العلاقات الأكثر تعقيدًا بين الكلمات.
ومع ذلك، فقد تغير تعريف ونطاق الويب الدلالي بمرور الوقت، وخاصة مع ظهور الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي. وتبدأ اتجاهات بحثية جديدة، مثل الشبكات الدلالية الاجتماعية، في الجمع بين مفهوم الشبكات الدلالية وتحليل الشبكات الاجتماعية لاستكشاف العلاقات بين المفاهيم في الفضاء الرقمي.تعتبر الشبكات الدلالية مفيدة بشكل خاص في تطبيقات مثل استرجاع المعلومات، وتحليل النصوص، وحتى النمذجة المعرفية.
توضح هذه التطورات تنوع ومرونة الويب الدلالي في مجالات مختلفة، وتسمح لنا بالتفكير بشكل أكبر في كيفية تطبيق هياكل المعرفة هذه في التقنيات المستقبلية.
في أبحاث علم الأعصاب الحاسوبية، تظهر الشبكات الدلالية أيضًا كيف يعالج الدماغ البشري اللغة والمفاهيم بطريقة محددة، مما يعمق فهمنا للدلالات والذاكرة والإدراك.كما اقترح ينجفي في الماضي، يتعين علينا أن نستمر في استكشاف إمكانات الشبكة الدلالية ومحاولة الإجابة على هذا السؤال: كيف ستساعدنا هذه الخوارزميات والنظريات في مواجهة تحديات المعرفة والمعلومات المتزايدة في المستقبل؟
> ص>