تعد الطفرة الجينية عاملاً رئيسياً يؤثر على تطور الحياة وتوارثها. في علم الأحياء، تشير الطفرة الجرثومية إلى طفرة تحدث في الخلايا التناسلية ولها القدرة على الانتقال إلى الأجيال القادمة. عندما تتكون بويضة مخصبة، إذا كانت أي من الخلايا التناسلية (سواء حيوان منوي أو بويضة) تحمل طفرة، فإن هذه الطفرة ستكون موجودة في كل خلية من خلايا نسلها، ولهذا السبب من المهم وراثة هذه الطفرات.
تتنوع مصادر طفرات الخلايا الجرثومية بشكل كبير، بما في ذلك أخطاء تكرار الجينات الداخلية والتأثيرات البيئية الخارجية. ونتيجة لهذا، قد يحمل الأبناء في المستقبل بعض الأمراض الوراثية التي لا توجد لدى آبائهم.
يمكن أن تحدث طفرات الخلايا الجرثومية قبل الإخصاب أو في مراحل مختلفة من التطور بعد الإخصاب. اعتمادًا على وقت حدوث الطفرة، فإن تأثيرها على الأجيال القادمة سوف يختلف. إذا حدثت الطفرة في الحيوان المنوي أو البويضة، فإن الطفرة ستكون موجودة في جميع خلايا الفرد. إذا حدثت الطفرة بعد الإخصاب ولكن قبل التمايز بين الخلايا الجرثومية والخلايا الجسدية، فإن الطفرة ستكون موجودة في معظم خلايا الفرد، وهي الحالة التي تسمى بالطفرة التكافلية. إذا حدثت الطفرة في وقت لاحق في التطور الجيني، فقد تكون موجودة فقط في عدد قليل من الخلايا الجسدية أو الجرثومية.
غالبًا ما يرتبط حدوث طفرات الخلايا الجرثومية بعوامل داخلية، مثل أخطاء تكاثر الخلايا والأضرار التأكسدية. لا يتم عادة إصلاح هذا النوع من الضرر على الفور، ومع ذلك، لأن الخلايا الجرثومية تنقسم بشكل متكرر، يمكن أن تحدث الطفرات من وقت لآخر. ومن الجدير بالذكر أن معدل طفرة الخلايا الجرثومية لدى الرجال يزداد مع التقدم في السن.
العوامل الخارجية يمكن أن تتأثر طفرات الخلايا الجرثومية أيضًا بعوامل خارجية، مثل التعرض لمواد ضارة، والتي يمكن أن تؤدي إلى إتلاف الحمض النووي للخلايا الجرثومية. على عكس طفرات الخلايا الجسدية، لا تتأثر الخلايا الجرثومية بأشعة الشمس فوق البنفسجية بشكل مباشر، لذا فإنها تتحور بشكل مختلف.وفقا للإحصائيات، فإن الطفرات الجينية الموروثة قد تسبب أنواعا معينة من السرطان إلى حد ما، مما يشير إلى وجود ارتباط وثيق بين الطفرات وصحة الأبناء.
تؤثر الطفرات الجرثومية المختلفة على الأفراد بطرق مختلفة، اعتمادًا على الجينات الأخرى المشاركة. تتطلب الطفرات السائدة جينًا متحورًا واحدًا فقط للتسبب في المرض، في حين تتطلب الطفرات المتنحية تحور كلا الجينين لظهور المرض. إن اختبار بعض الأمراض أصبح معروفًا بالفعل ويمكن إجراؤه باستخدام عينات الدم قبل الولادة أو الموجات فوق الصوتية.
وقد تم ربط الطفرات في الخلايا الجرثومية أيضًا بخطر الإصابة بالسرطان. قد تؤدي الطفرات في بعض الجينات الكابتة للورم، مثل جين TP53، إلى جعل الأفراد أكثر عرضة للإصابة بالسرطان. بالإضافة إلى ذلك، فإن بعض الأمراض الوراثية، مثل مرض هنتنغتون والتليف الكيسي، تحدث بسبب طفرات في الخلايا الجرثومية، وهو ما يوضح أهمية الطفرات الجينية في الأمراض الوراثية.
في الوقت الحالي، تنشأ العديد من الأمراض المندلية من طفرات نقطية مهيمنة في الجينات، مما يجعل تقنيات تحرير الجينات مثل CRISPR/Cas9 وTALEN وZFN موضوعًا ساخنًا للبحث. الهدف من هذه التقنيات هو إصلاح أو تحور أجزاء محددة من الجينات بشكل دقيق، وبالتالي تقليل حدوث الأمراض الوراثية. ومع ذلك، ورغم نجاح هذه التقنيات في النماذج الحيوانية، فإن تطبيقها في الخلايا الجرثومية البشرية لا يزال محدودا ويجب التعامل معه بحذر.
من المتوقع أن تحل تقنية تحرير الجينات بعض الأمراض الوراثية المستعصية في المستقبل القريب، ولكنها تثير أيضًا قضايا أخلاقية ومخاطر محتملة.