في عالم اليوم، أصبحت مشكلة الاكتظاظ السكاني تدريجيا حقيقة لا يستطيع أحد تجاهلها. ولكن ما هي التداعيات الأعمق لهذه القضية؟ ربما يمنحنا بحث جون ب. كالهون بعض الإلهام. نظرية التدهور السلوكي التي ابتكرها تصف الانهيار السلوكي الذي قد يعاني منه الحيوانات، وحتى البشر، في البيئات المزدحمة.
وفي هذه المجموعات من الفئران، لاحظ كالهون ظهور سلوك اجتماعي جديد أطلق عليه اسم الغرق السلوكي.
في هذه التجارب، تم تعطيل البنية الاجتماعية للفئران وتغيرت أنماط التفاعل بين الأفراد تدريجيا. لم تتمكن العديد من الفئران الإناث من الحمل والولادة بنجاح، وحتى بعد الولادة الناجحة، لم تتمكن من القيام بواجباتها الأمومية، في حين تراوح سلوك الفئران الذكور من الانحراف الجنسي إلى أكل لحوم البشر.
في ظل ظروف الكثافة السكانية العالية، أظهر تعداد الفئران سلوكًا غير طبيعي للغاية. على سبيل المثال، لا تأكل الفئران إلا في مجموعات، مما يجعل منطقة تناول الطعام مكتظة بينما تبدو المناطق الأخرى مهجورة.
وكانت نتائج هذه التجربة صادمة: ففي المجموعة الأكثر خسارة، وصل معدل الوفيات بين الفئران الصغيرة إلى 96%.
كما أجرى كالهون تجربة أخرى على الفئران في عام 1968، أطلق عليها هذه المرة اسم "الكون 25"، حيث وصل تعداد الفئران إلى 2200، على الرغم من تصميم البيئة. وكان الهدف الأصلي هو دعم الاحتياجات الإنجابية لما يصل إلى 4000 فأر. وفي نهاية المطاف، في هذه البيئة ذات الكثافة السكانية العالية، انقرضت أعداد الفئران.
في ذلك الوقت، كان الاهتمام الرئيسي لكالهون يتمثل في الصراعات في المجتمع البشري والاختلالات التي تنتج عن مثل هذه الصراعات.ومع ذلك، مع مرور الوقت، أصبح تفسير أبحاث كالهون معقدًا. وقد أجرى بعض علماء النفس تجارب مماثلة، لكنهم فشلوا في العثور على آثار سلبية كبيرة، مما أثار تساؤلات حول استنتاجات كالهون. ومع ذلك، فإن العينات والسيناريوهات المحدودة مفرطة في التبسيط، ولا يزال هذا الموضوع بحاجة إلى دراسة متأنية.
يعتقد البعض أن هذا النوع من الأبحاث يزودنا بأفكار جديدة للتفكير في السلوك البشري والتنظيم الاجتماعي، ويجب علينا أن نولي المزيد من الاهتمام لجودة التفاعل الاجتماعي وليس فقط الكم. إن عمل كالهون ليس مجرد ملاحظة لسلوك الحيوان، بل هو أيضًا تحذير من التأثير العميق على البنية الاجتماعية.
اليوم، ومع النمو المستمر لعدد سكان العالم، أصبحنا بحاجة إلى إيجاد حلول فعالة لمشكلة السكان. من خلال أبحاث كالهون، هل يمكننا أن ندرك هشاشة السلوك البشري ونعدل سلوكنا الاجتماعي وفقًا لذلك لتجنب تكرار نفس الأخطاء؟ في الوقت الذي يشهد فيه المجتمع والتركيبة السكانية تغيرات كبيرة، كيف ينبغي للأجيال القادمة مواجهة هذا التحدي؟