المجال الكهربائي، أو المجال الإلكتروني، هو المجال الفيزيائي المحيط بالجسيمات المشحونة. عندما تكون شحنات هذه الجسيمات مختلفة عن بعضها البعض فإنها تجتذب بعضها البعض، وعندما تكون الشحنات متساوية فإنها تتنافر. يعني هذا التبادل للقوى أنه يجب أن تكون شحنتان موجودتين في نفس الوقت حتى تحدث هذه القوى. يصف المجال الكهربائي لشحنة واحدة أو مجموعة من الشحنات قدرتها على ممارسة قوة على جسم مشحون آخر. يتم وصف هذه القوى من خلال قانون كولومب، الذي ينص على أنه كلما زاد حجم الشحنة، زادت القوة، كلما زادت المسافة بينهما، كلما كانت المسافة أبعد، كانت القوة أضعف.
يؤثر تكوين المجالات الكهربائية والروابط الكيميائية بشكل عميق على خصائص المادة، حيث يشكل كل شيء بدءًا من البنية الجزيئية وحتى أداء المواد.
لا يمكن إنكار أن المجالات الكهربائية تلعب دورًا مهمًا في الفيزياء وتستخدم على نطاق واسع في التكنولوجيا الإلكترونية. في الفيزياء والكيمياء الذرية، التفاعل المجالي الكهربائي بين النواة والإلكترونات هو القوة التي تمكن هذه الجسيمات من الارتباط ببعضها البعض لتكوين الذرات. إن تفاعل المجال الكهربائي بين الذرات هو القوة التي تشكل الروابط الكيميائية وتخلق الجزيئات. يتم تعريف المجال الكهربائي على أنه مجال متجه يربط القوة المؤثرة على شحنة الوحدة في كل نقطة في الفضاء ويرتبط خطيًا بشحنة اختبار ثابتة.
"إن قوة المجال الكهربائي تتناسب عكسياً مع مسافة الجسم المشحون. وهذا هو جوهر قانون كولومب."
من منظور الفيزياء، فإن تأثير المجال الكهربائي على شحنتين يشبه إلى حد كبير تأثير المجال الجاذبي على كتلتين؛ حيث يخضع كلاهما لقانون التربيع العكسي. وفقًا لقانون كولومب، فإن قوة المجال الكهربائي الناتج عن شحنة ثابتة تتغير مع تغير شحنة المصدر وتتناسب عكسيًا مع مربع المسافة. وهذا يعني أنه إذا تضاعفت شحنة المصدر فإن قوة المجال الكهربائي ستتضاعف أيضًا، في حين أن مضاعفة المسافة ستؤدي إلى أن تصبح قوة المجال ربع القوة الأصلية.
إحدى الطرق لفهم المجالات الكهربائية هي تصور خطوط المجال الكهربائي، وهو مفهوم اقترحه مايكل فاراداي لأول مرة، والذي قد يطلق عليه البعض أيضًا "خطوط القوة". يساعد هذا الرسم البياني على فهم قوة المجال الكهربائي بشكل أكثر حدسًا لأن كثافة خطوط المجال الكهربائي تتناسب مع قوة المجال الكهربائي. تمتلك خطوط المجال الكهربائي للشحنات الثابتة عدة خصائص مهمة، بما في ذلك أنها تنشأ دائمًا من شحنات موجبة وتنتهي عند شحنات سالبة، وأنها تخترق جميع الموصلات الجيدة بزوايا قائمة ولا تتقاطع أو تقترب أبدًا.
"إن وجود وتفاعل المجالات الكهروستاتيكية يشكلان أساس التفاعلات الكيميائية والبنى الجزيئية."
تكشف دراسة الكهرباء الساكنة عن المجال الكهربائي الذي تولدها الشحنات الثابتة، في حين يصف قانون فاراداي العلاقة بين المجالات المغناطيسية والكهربائية المتغيرة مع الزمن. في حالة عدم وجود مجال مغناطيسي متغير مع الزمن، تسمى خصائص المجال الكهربائي محافظة، وهذا يعني أن خصائص المجال الكهروستاتيكي أبسط ويعتبر المجال المغناطيسي المتغير مع الزمن جزءًا من مجال كهرومغناطيسي موحد. يشكل الارتباط بين المجالات الكهربائية والمغناطيسية معادلات ماكسويل، التي تصف كيفية تأثير المجالات الكهربائية والمغناطيسية على بعضها البعض وتتغير وفقًا للشحنة والتيار.
في حالة الشحنات المتعددة، يلبي المجال الكهربائي مبدأ التراكب، مما يعني أنه يمكن حساب المجال الكهربائي الكلي الناتج عن الشحنات المعقدة كمجموع متجه للمجالات الكهربائية الناتجة عن كل شحنة عند تلك النقطة. يعد هذا المبدأ مفيدًا جدًا عند حساب المجال الكهربائي الناتج عن شحنات نقطية متعددة. يمكن حساب قوة المجال الكهربائي التي تولدها كل شحنة عند نقطة محددة في الفضاء وفقًا لقانون كولومب، والذي يسمح لنا بفهم أنظمة المجال الكهربائي الأكثر تعقيدًا من خلال الجمع بين تأثيرات الشحنات الفردية.
"وعلى هذا الأساس فإن تنوع الروابط الكيميائية لا ينفصل عن تفاعل المجالات الكهربائية، وهو ما يجعل عجائب الكيمياء تتجلى."
ولذلك، يمكن القول أن المجال الكهربائي ليس مفهوما أساسيا في الفيزياء فحسب، بل هو أيضا الأساس لتكوين الروابط الكيميائية. وهذا يكشف أيضًا عن البنية العميقة للتكوين المادي للكون والقوى الدقيقة ولكن القوية التي تتفاعل فيما بينها. إن القوة بين الشحنات الكهربائية، سواء كانت تجاذباً أو تنافراً، تشكل الأساس لعدد لا يحصى من التفاعلات الكيميائية والبنى الجزيئية وظواهر الحياة. فهل يمكن لمثل هذا المبدأ أن يلهمنا في نهاية المطاف لفهم القوانين الأعمق للطبيعة؟