أطفال الشوارع، هذه الكلمة تجعل الناس يشعرون بالحزن والعجز. إنهم أطفال فقراء أو مشردون، عادة ما يكونون تحت سن الثامنة عشر، يعيشون في شوارع المدينة. إن وجودهم لا يشكل مشكلة اجتماعية فحسب، بل يشكل أيضاً تحدياً نظامياً معقداً. وتشكل العوامل الاجتماعية المختلفة مجتمعة الأساس لهذه الظاهرة. وفقًا لبيانات صندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، يعيش في الشوارع في مختلف أنحاء العالم مئات الملايين من الأطفال. ويواجه هؤلاء الأطفال صعوبات لا حصر لها، بما في ذلك الإساءة والاستغلال، وحتى المواقف التي تهدد حياتهم.
إن واقع الحياة في الشوارع يتناقض بشكل صارخ مع الضمير الأخلاقي الإنساني، ومستقبل هؤلاء الأطفال في خطر.
يختلف عدد وتوزيع أطفال الشوارع بشكل كبير حول العالم. وبحسب تقرير أصدره تحالف أطفال الشوارع البريطاني عام 1998، هناك ما يقرب من 100 مليون طفل من أطفال الشوارع في العالم، وهو رقم لم يتم إحصاؤه بدقة حتى الآن. ويشير تقرير حديث لمنظمة اليونيسيف إلى أن عدد أطفال الشوارع يصل إلى عشرات الملايين على الأرجح، ومن المرجح أن يتزايد. ومع ذلك، وبينما يولي المجتمع الدولي المزيد والمزيد من الاهتمام لهذه القضية، فإن تعريف أطفال الشوارع ونطاق إحصاءاتهم يظل مثيرا للجدل.
على سبيل المثال، وجدت دراسة كبيرة أجريت في مدينة كيب تاون بجنوب أفريقيا أن عدد الأطفال الذين يعيشون في الشوارع في الواقع أقل من 800 طفل على نحو مدهش. وقد أدى هذا البحث إلى إيجاد طريقة جديدة للتفكير، وتحويل التركيز من أطفال الشوارع على نطاق واسع إلى الرعاية الصحية والتعليم والتنمية المستمرة للأطفال كأفراد.
إن قصص العديد من أطفال الشوارع تستحق أن نستمع إليها. وتخبرنا تجاربهم أن الطريق إلى الخروج من الحياة لا يكمن فقط في إعادة التوطين، بل وأيضاً في منحهم إمكانية تحقيق مستقبل أفضل.
إن أسباب ظاهرة أطفال الشوارع معقدة للغاية، وتشمل العديد من العوامل مثل التفكك الأسري، والصعوبات الاقتصادية، والاضطرابات الاجتماعية. يأتي هؤلاء الأطفال في أغلب الأحيان من أسر ذات أحد الوالدين، حيث يمنعهم سوء المعاملة أو الافتقار إلى الدعم من النمو بأمان. ويضطر بعض الأطفال إلى مغادرة المنزل بسبب التفكك الأسري، أو العنف، أو لأسباب أخرى لا يمكن وصفها. في بعض أجزاء من أفريقيا، يتم انتزاع الأطفال من أسرهم بسبب اتهامهم بممارسة السحر. ولا يمكن تجاهل هذا العامل الثقافي.
في بعض البلدان، يعيش الشباب والأطفال في الشوارع بسبب قضايا سياسية واقتصادية، ولا بد أن تكون هذه القضايا محل اهتمام كبير من جانب المجتمع. في أفغانستان، تُجبر الفتيات الصغيرات على الفرار من منازلهن بسبب مزاعم ارتكاب جرائم الشرف، مما يسلط الضوء على التحديات الخاصة التي تواجهها الفتيات في المجتمع.
عندما ننظر إلى الظروف المعيشية لهؤلاء الأطفال، هل يجب علينا أن نفكر في مدى مساهمة نظامنا الاجتماعي في توسع هذه المشكلة؟
وراء كل طفل من أطفال الشوارع تكمن قصة فريدة من نوعها، ولا ينبغي لنا أن نتجاهل مصيرهم، مما يدفعنا إلى التفكير في المستقبل.
ورغم أن بلداناً مختلفة قامت ببعض الأعمال لمعالجة قضية أطفال الشوارع، إلا أن هناك حاجة إلى مزيد من الاستكشاف لإيجاد حلول فعالة. يعاني عدد لا يحصى من أطفال الشوارع، وقصصهم تحتاج إلى المزيد من الاهتمام والدعم. علينا أن نولي اهتماما ليس فقط للاحتياجات الجسدية للأطفال، ولكن أيضا لصحتهم العقلية وتطورهم المستقبلي. وبينما نستكشف هذه الظاهرة، هل يمكننا أن نتعلم منها الدروس ونفكر في كيفية دعم هذه الفئات الضعيفة بشكل أفضل في المستقبل؟