يركز العلم السياسي، باعتباره علمًا اجتماعيًا، على أنظمة الحكم وتوزيع السلطة. يتأثر تاريخ هذا التخصص بشكل كبير بالثورة العلمية في القرن التاسع عشر، والتي جمعت بين النظرية السياسية والبحث التجريبي وأدت إلى تغيير فهمنا للسياسة بشكل جذري.
بدأت العلوم السياسية كتخصص مستقل في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، عندما انفصلت تدريجيا عن الفلسفة السياسية والتاريخ.
إن السمات الرئيسية لهذه الفترة هي استكشاف "الحداثة" والتركيز على الدولة القومية المعاصرة، والتي شكلت المفاهيم الأساسية ومفردات العلوم السياسية.حتى أواخر القرن التاسع عشر، لم يكن يُنظر إلى العلوم السياسية على أنها مجال منفصل عن التاريخ.
في الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين، اجتاحت الثورة السلوكية مجال العلوم السياسية، مؤكدة على الدراسة المنهجية والعلمية للسلوك الفردي والجماعي. ويركز العديد من الباحثين على تحليل السلوك السياسي بدلاً من تفسير المؤسسات أو النصوص القانونية.
مع مرور الوقت، شجع هذا الاتجاه الفكري على المزيد من استكشاف النظريات والنماذج، مما جعل العلوم السياسية أكثر كمية ومنهجية.على سبيل المثال، اقترح ويليام إتش ريكر وزملاؤه خلال هذه الفترة أساليب تعتمد على النظرية الاقتصادية لدراسة المؤسسات السياسية والسلوك.
يركز بعض علماء السياسة على إيجاد الحجج الإيجابية التي تصف الواقع الاجتماعي، في حين يقوم آخرون بإجراء أبحاث معيارية وتقديم توصيات سياسية محددة.
وتقتصر دراسة العلوم السياسية في كثير من الأحيان أيضًا على الأنظمة السياسية في بلد معين، مثل الولايات المتحدة أو الصين. وفي هذه البلدان، يدرس الباحثون بيانات مثل الانتخابات، والرأي العام، والسياسات العامة، وعلى هذا الأساس يشكلون نماذج تحليلية مصممة لتناسب الظروف الفريدة للبلد. علاوة على ذلك، تحتل نظرية التحول السياسي وطرق التنبؤ بالأزمات مكانة مهمة في العلوم السياسية المعاصرة. ومن خلال تحليل مجموعة متنوعة من المؤشرات، يتمكن العلماء من التنبؤ بالأزمات السياسية المحتملة.
تتنوع أساليب البحث في العلوم السياسية بشكل كبير، حيث تستمد العديد من الأساليب من علم النفس، والدراسات الاجتماعية، والفلسفة السياسية، إلى جانب التقنيات التي تم تطويرها داخل العلوم السياسية نفسها. على الرغم من أن ملاحظة الظواهر السياسية غالباً ما تكون صعبة التكرار، فإن العديد من علماء السياسة ما زالوا يبنون أنظمة نظرية من خلال أساليب بحث تجريبية مختلفة. وكما قال لورانس لويل، الرئيس السابق للجمعية الأميركية للعلوم السياسية: "إننا مقيدون بعدم جدوى التجارب. فالسياسة علم قائم على الملاحظة، وليس على التجربة".
خاصة في الجامعات الأمريكية، يتم تقديم دورات البكالوريوس والدراسات العليا في العلوم السياسية على نطاق واسع، مما يجذب عددا كبيرا من الطلاب. ولا يعمل هذا النظام البحثي على تعزيز التبادل الأكاديمي فحسب، بل إنه يتمتع أيضاً بتأثير إيجابي على الممارسة السياسية.
يواجه العلوم السياسية تحديات وتطورات مستمرة مع تغير الزمن. هل يمكن للتوتر بين التجريبية والنظرية أن يؤدي إلى فهم سياسي أعمق؟