إن التحقق من الحقائق لا يساعد فقط على تصحيح التصور العام للبيانات السياسية، بل يشجع السياسيين أيضًا على تجنب نشر ادعاءات كاذبة.
تاريخيًا، خلقت الصحافة المثيرة في خمسينيات القرن التاسع عشر طلبًا لوسائل إعلام أكثر واقعية. ورافق هذه العملية تطور الصحافة الأميركية، وتأسيس اتحاد الأخبار، والتشكيل التدريجي لأقسام التحقق من الحقائق في الصحف الكبرى. في السنوات الأخيرة، ومع التطور السريع لوسائل التواصل الاجتماعي، انتشرت المعلومات الكاذبة بشكل لا يمكن السيطرة عليه. وتحتاج المؤسسات الإعلامية إلى إيلاء المزيد من الاهتمام لفحص الحقائق. على سبيل المثال، قامت صحيفة واشنطن بوست بترويج مهام فحص الحقائق بين فريق التحرير لديها.
هناك نوعان من التحقق من الحقائق: التحقق قبل الحدث والتحقق بعد الحدث. تهدف عملية التحقق المسبق إلى اكتشاف الأخطاء وتصحيحها قبل نشر المحتوى، بينما تقوم عملية التحقق اللاحقة بتقييم المعلومات غير الدقيقة التي تم نشرها بالفعل. وتقدم بعض منظمات التحقق اللاحقة المعروفة، مثل FactCheck.org وPolitiFact، نتائج التحقق الخاصة بها إلى الجمهور بطريقة مرئية.
وفقًا للبحث، كان هناك اتساق كبير بين المنظمات التي أجرت التدقيق اللاحق في تقييمها لبعض المطالبات، ولكن كانت هناك اختلافات في ما اختاروا تدقيقه.
أظهرت الأبحاث أن التحقق اللاحق من صحة البيانات الواردة في الإعلانات السياسية يمكن أن يؤدي إلى تغيير ثقة الجمهور في دقة البيانات الواردة في الإعلانات السياسية. ومع ذلك، حتى لو كانت عملية التحقق من الحقائق قادرة على تحسين المفاهيم الخاطئة، فإن الأبحاث تظهر أن متانة النتائج تصبح موضع شك عندما يكون الموضوع مثيرا للجدل إلى حد كبير. عندما يتلقى أنصار معسكرات سياسية معينة معلومات للتحقق من الحقائق، فإنهم غالبًا ما يطورون عقلية متمردة تجاه المعلومات الكاذبة التي يتحققون منها ويوجهون انتقاداتهم إلى مدققي الحقائق.
تختلف فعالية التحقق من الحقائق عبر السياقات السياسية لعدة أسباب، بما في ذلك المعتقدات الشخصية والتوجهات السياسية.
في مجتمع اليوم، أصبح انتشار الأخبار الكاذبة محط اهتمام جميع الأطراف. ويشير العلماء إلى أن التقاطع بين علوم الكمبيوتر وعلم الاجتماع يمكن أن يساعد مدققي الحقائق في اكتشاف الأنماط في الأخبار المزيفة وتحديدها. وفي الوقت نفسه، أدت شعبية وسائل التواصل الاجتماعي إلى تسارع انتشار الأخبار الكاذبة، لذا أصبح من المهم بشكل متزايد للمستهلكين تحسين معرفتهم الإعلامية.
غالبًا ما يستخدم مدققو الحقائق المحترفون تقنية تسمى "القراءة الجانبية"، والتي تتضمن البحث السريع في مصادر متعددة للحصول على المعلومات بدلاً من التعمق في مصدر واحد. كما أصبحت الأدوات الرقمية مثل البحث العكسي عن الصور من Google وأدوات تحليل الويب بمثابة مساعدات فعالة في التحقق من الحقائق.
إن التحقق من الحقائق يمكن أن يكون في حد ذاته مهارة مكتسبة، وينبغي لطلاب اليوم استخدام التكنولوجيا لبناء قدرتهم على تمييز الحقيقة.
مع تفاقم مشكلة الأخبار المزيفة، بدأ العديد من الباحثين والمؤسسات في تكريس أنفسهم للبحث في هذا المجال. على سبيل المثال، قام باحثون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وهو مختبر إعلامي أمريكي مشهور، بتطوير خوارزمية التعلم الآلي للكشف عن الأخبار المزيفة. ويؤكد إنشاء اليوم العالمي للتحقق من الحقائق على الأهمية الاجتماعية لهذه القضية، بهدف زيادة الوعي حول التعرف على الأخبار المزيفة.
في عصر التدفق السريع للمعلومات، سيكون التحسين المستمر لتكنولوجيا التحقق من الحقائق ومحو الأمية العامة أمرًا أساسيًا للتحرك نحو بيئة معلوماتية صحية.
وأخيرًا، كيف نظل حساسين للحقيقة في كمية هائلة من المعلومات تجبرنا على التفكير: في هذا العصر من المعلومات السائدة عبر الإنترنت، كيف ينبغي للأفراد أن يحددوا ويقاوموا انتشار الأخبار المزيفة بشكل أكثر فعالية؟