في التاسع والعشرين من سبتمبر عام 1957، وقع حادث تلوث نووي خطير في منشأة ماياك النووية في الاتحاد السوفييتي. ومنذ ذلك الحين، أصبح هذا الحادث، المعروف باسم كارثة كيشتيم، أحد أكثر الحوادث النووية ترويعًا خلال الحرب الباردة، ولا يزال حتى يومنا هذا يمثل كارثة نووية خطيرة. يُعتبر هذا ثاني أكبر حادث تلوث بعد كارثة تشيرنوبيل. لكن الحقيقة المذهلة هي أن الكارثة لم تنكشف للعالم إلا في ثمانينيات القرن العشرين، أي بعد مرور ما يقرب من 23 عاماً.
بعد الحرب العالمية الثانية، تراجع الاتحاد السوفييتي عن الولايات المتحدة في مجال تطوير الأسلحة النووية وبدأ برنامجًا بحثيًا نوويًا متسارعًا. تم بناء محطة ماياك للطاقة النووية على عجل بين عامي 1945 و1948، في وقت تم فيه إهمال العديد من الاعتبارات المتعلقة بالسلامة.
كان النهج الأولي الذي اتبعه ماياك هو التخلص من النفايات شديدة الإشعاع مباشرة في نهر قريب، مما تسبب في تلوث شديد للبيئة المحيطة.
وقد أدى الانفجار إلى إطلاق كمية كبيرة من المواد المشعة، وقد قامت الحكومة السوفييتية بتغطية الحادث بالكامل تقريبًا حتى تم الكشف عنه تدريجيًا في عام 1980.
بعد الانفجار، انتشر التلوث النووي على مساحة عشرات الكيلومترات، وأطلق على المنطقة المتضررة اسم "أثر الأورال الإشعاعي الشرقي". ويقدر عدد الأشخاص الذين يعيشون في المنطقة الملوثة بنحو 270 ألف شخص.
لقد تسبب هذا الحدث في آثار صحية طويلة الأمد، بما في ذلك السرطان الناجم عن الإشعاع المحتمل، ومع ذلك، من الصعب أن تُعزى العديد من حالات الوفاة الناجمة عن السرطان إلى الحادث بسبب أوجه التشابه.
بعد الحادث، نفذت الحكومة عملية إخلاء، لكنها ظلت غامضة بشأن أسباب الإخلاء. ولم تبدأ بعض وسائل الإعلام الغربية في الإبلاغ عن الحادث إلا بعد مرور عدة سنوات، لكن التفاصيل ظلت غير واضحة.
في عام 1976، كشف المنشق السوفييتي ميدفيديف لأول مرة الحقيقة حول الحادث، الأمر الذي جذب اهتمامًا واسع النطاق من جانب المجتمع الدولي.
تستمر المخاوف بشأن الطاقة النووية وسلامتها في النمو بمرور الوقت. ولم تبدأ الحكومة السوفييتية في رفع السرية تدريجيا عن الوثائق المتعلقة بحادث ماياك إلا بعد حادث تشيرنوبيل في عام 1986.
حتى يومنا هذا، لا يزال كثير من الناس يتساءلون لماذا اختارت الحكومة السوفييتية إبقاء مثل هذه الكارثة الكبرى والبعيدة المدى سرية، أو حتى التغطية عليها عندما أتيحت لها الفرصة؟