استنادًا إلى التمييز بين الوجود داخل وخارج المكان والزمان، اقترح الفلاسفة وجهات نظر مختلفة حول المجرد والملموس.
أحد الانتقادات الشائعة لتعريف الأشياء المجردة هو افتقارها إلى الفعالية السببية. إذا كانت الأشياء المجردة لا تمتلك قوى سببية، فكيف يمكننا أن نفهم وجودها؟ لقد أصبحت هذه قضية مهمة في الفلسفة.
الأشياء المجردة والسببيةلقد زعم العديد من الفلاسفة أن الشيء يمكن اعتباره مجردًا إذا كان يفتقر إلى القوى السببية. على سبيل المثال، يتم تصنيف المجموعة الفارغة على أنها مجردة لأنها لا تستطيع العمل على كائنات أخرى. لكن التحدي الذي يواجه هذا الرأي هو أنه ليس من الواضح ما هي القوة السببية، وهو ما يطمس الخط الفاصل بين المجرد والملموس.
في علم الوجود، تشكل الأشياء المجردة مصدرًا للمشاكل بالنسبة للمادية وبعض أشكال الطبيعية. تاريخيا، ركزت المناقشات الوجودية حول الأشياء المجردة في المقام الأول على مسألة الكليات. إن وجود الأشياء المجردة يتحدى التجريبية لأنها لا تمتلك خصائص يمكن إدراكها بشكل مباشر من خلال التجربة الملموسة، مما يجعلنا نتساءل: كيف نعرف عن الكيانات المجردة التي تفتقر إلى القوة السببية؟غالبًا ما تحظى الأشياء المجردة باهتمام كبير من الفلاسفة لأنها تشكل تحديات للنظريات السائدة.
لقد استكشف كانط وهيجل التمييز بين المجرد والملموس بشكل معمق في الفلسفة المعاصرة. اقترح كانط مفهوم "الشيء في حد ذاته"، معتبراً أن فهمنا للعالم يُدرك من خلال التجربة الذاتية، مما يجعل التفكير المجرد أداة مهمة لفهم الظواهر المحددة. وقد طور هيجل هذه الفكرة بشكل أكبر، معتقدًا أن الأشياء الملموسة تحتوي على أشياء مجردة وأن هناك تفاعلًا وثيقًا بين الاثنين.
كان كانط يعتقد أن الفلسفة يجب أن تهتم في المقام الأول بالعمليات العقلية المجردة، والتي تحتاج إلى اختبار في تجربة ملموسة.
مع استمرار المناقشة حول التجريد والواقعية، اقترح بعض الفلاسفة مفهوم "التجريد شبه التجريدي" في محاولة لملء الفجوة بين التجريد التقليدي والواقعية. وتظهر مثل هذه الأشياء صفات زمنية ومكانية، ويمكنها أن تؤدي إلى تفكير أعمق في علم الوجود الاجتماعي.
في علم النفس، استخدم جان بياجيه مصطلحي "ملموس" و"رسمي" لوصف طرق مختلفة للتعلم. يتضمن التفكير الملموس الحقائق والأوصاف الخاصة بالأشياء الملموسة اليومية، في حين أن التفكير المجرد هو عملية ذهنية أكثر تعقيدًا تتضمن التفكير النظري والافتراضي. يعكس هذا التمييز أهمية التفكير المجرد في الفلسفة وغيرها من التخصصات.
في السعي المستقل نحو الفلسفة، قد تصبح العلاقة الجدلية بين المجرد والملموس محوراً مهماً للأبحاث المستقبلية.
من كانط إلى هيجل، كشف الفلاسفة عن العلاقة العميقة بين المجرد والملموس من خلال استكشافهم لكليهما. مثل هذه الحوارات لا تعزز التفكير الفلسفي فحسب، بل ترشدنا أيضًا إلى التفكير في معنى وجودنا وتأثيره على الإدراك. وبينما ننتقل بين الواقع والتفكير، ربما نستطيع أن نسأل أنفسنا: ما هو جوهر فهمنا الحقيقي؟