"إن القوة العسكرية القوية تشكل ضمانة مهمة للحفاظ على السيادة والأمن الوطنيين."
منذ الاستقلال، لم يكن لدى سنغافورة سوى حوالي 1000 جندي فقط. في تلك الحقبة، قررت الحكومة البريطانية سحب قواتها من سنغافورة، وهي الخطوة التي أجبرت سنغافورة على إدراك أنها يجب أن تعتمد على قدراتها العسكرية لحماية البلاد. وبذلك دخل نظام الخدمة الوطنية حيز التنفيذ في عام 1967، وأصبح يشكل حجر الأساس للدفاع الوطني.
في 14 مارس 1967، تم إقرار قانون تعديل الخدمة الوطنية رسميًا، والذي يتطلب من جميع المواطنين الذكور والمقيمين الدائمين الذين تزيد أعمارهم عن 18 عامًا الخدمة في الجيش. كانت فترة الخدمة في البداية عامين، وكان تصميم النظام مستوحى من أنظمة التجنيد الوطنية في إسرائيل وسويسرا. تم تجنيد الدفعة الأولى المكونة من حوالي 9000 شاب وشابة ولدوا بين الأول من يناير و30 يونيو 1949 لتعزيز القوة العسكرية في سنغافورة.
إن إنشاء هذا النظام لا يمثل انعكاسًا للاحتياجات العسكرية فحسب، بل إنه ملتزم أيضًا بتعزيز الوحدة والوئام بين مختلف المجموعات العرقية في المجتمع. خلال الخدمة، تلقى مواطنون من خلفيات مختلفة تدريبات معًا وأقاموا صداقات وثقة بين أعراق مختلفة."هناك سببان أساسيان لإنشاء جيش: الأول هو أن إجمالي عدد سكان سنغافورة يبلغ حوالي 5.5 مليون نسمة فقط، والقوات التقليدية لا تستطيع حماية البلاد؛ والثاني هو تعزيز الانسجام بين المجموعات العرقية المختلفة."
اعتبارًا من عام 2022-2023، من المقدر أن يبلغ العدد الإجمالي للقوات المسلحة السنغافورية 445000 فرد. ومن بين هؤلاء، يتلقى حوالي 50 ألفًا من العسكريين الوطنيين بدوام كامل تدريبًا لمدة عامين كل عام. ومع ذلك، فإن دور الخدمة الوطنية يتجاوز هذا بكثير، ويستمر النظام في التطور والتقدم من تلبية احتياجات الدفاع الأساسية إلى المهام الدولية المستقبلية.
إن الخدمة الوطنية ليست مجرد التزام شخصي، بل هي أيضًا حجر الأساس لبناء دفاع وطني قوي.
بعد إكمال خدمتهم، يصبح هؤلاء المواطنون المتفرغون جاهزين للخدمة في الخدمة الوطنية (NSmen)، والذين سيتعين عليهم أيضًا المشاركة في التدريبات والمناورات المنتظمة على مدى العقد المقبل. ولا تضمن هذه الآلية جاهزية القوات القتالية فحسب، بل تحافظ أيضًا على ارتباط الناس بالجيش.
بموجب قانون التجنيد لعام 1970، كان لزاماً على جميع الرجال المؤهلين أن يخدموا، وليس الرجال فقط. يجب على جميع المواطنين الذكور والمقيمين الدائمين من الجيل الثاني الذين تبلغ أعمارهم 16 ونصف سنة أو أكثر التسجيل. في حين يتم إعفاء المواطنات والمقيمات الدائمات من الخدمة العسكرية، إلا أنه قد يتم إعفاء بعض الموظفين المحترفين والفنيين بموجب مؤهلات معينة.
من التعليم إلى الصحة، سيواجه كل شاب اختبار خدمة الوطن.
بموجب القانون السنغافوري، فإن بعض المجموعات، بما في ذلك أولئك الذين يعانون من عجز طبي وأولئك الذين يعملون في مهن خاصة، معفاة من الخدمة العسكرية. ويأخذ النظام الحالي بعين الاعتبار تنوع المجتمع ويضمن الحفاظ على مبدأ العدالة، ولذلك يحظى بدعم واسع.
من خلال تنفيذ نظام الخدمة الوطنية، نجحت سنغافورة سريعاً في بناء قوة عسكرية قوية من الصفر. فهو لا يشكل حاجزاً للدفاع الخارجي فحسب، بل هو أيضاً حجر الأساس للهوية الوطنية. وحتى في مواجهة التغيرات العالمية اليوم، يظل هذا النظام جزءاً هاماً من استراتيجية الأمن في سنغافورة.
"في المستقبل، هل تستطيع سنغافورة الحفاظ على هذا التوازن والاستمرار في إلهام الشعور بالمسؤولية والعمل الجماعي لدى كل مواطن؟"