جوهر المراقبة هو مراقبة السلوكيات والأنشطة بغرض جمع المعلومات أو التأثير على التلاعب أو توجيه الإدارة.
من كاميرات الشوارع الأولية إلى تحليل بيانات وسائل التواصل الاجتماعي الحالية، أدى تطوير تكنولوجيا المراقبة إلى جعل حياتنا تحت مراقبة الجميع تقريبًا. لقد بدأت حكومات العديد من البلدان في استخدام هذه التقنيات لجمع المعلومات الاستخباراتية، من منع الجريمة إلى تعزيز الأمن الوطني. ويبدو أن الأهداف شاملة، ولكنها تنطوي على انتهاكات عميقة للخصوصية الشخصية.
اليوم، لا تعتمد المراقبة فقط على كاميرات التلفزيون المغلقة التقليدية (CCTV)، بل تستخدم بدلاً من ذلك العديد من التقنيات الرقمية لتحليل البيانات واستغلالها. وفقًا لقانون مساعدة الاتصالات لإنفاذ القانون الأمريكي، يجب تقديم جميع بيانات الهاتف والموقع الإلكتروني إلى وكالات إنفاذ القانون الفيدرالية للمراقبة في الوقت الفعلي. وهذا يعني أن كل ما نقوم به عبر الإنترنت، بدءاً من رسائل البريد الإلكتروني وحتى الرسائل الفورية، يمكن أن يُعرض للاطلاع من قبل وكالات مثل وكالة الأمن القومي (NSA).
في عالم الإنترنت، غالبًا ما تجعل الكميات الهائلة من المعلومات من المستحيل حجبها بالكامل من خلال العمليات اليدوية. في هذا الوقت، أصبحت مراقبة الشبكة الآلية أداة يجب الاعتماد عليها.
إن كثرة البيانات تجعل من المستحيل على المحققين البشر فحص كل التفاصيل يدويًا، لذلك تم تطوير أنظمة مراقبة آلية مختلفة لتحليل سلوك المستخدم من منظور كلي والبحث عن الشذوذ. ومع ذلك، فإن قضايا الخصوصية والتأملات التي تستمر هذه التقنيات في إثارتها دفعت الجمهور بلا شك إلى البدء في التساؤل حول عقلانية وضرورة هذه الممارسات.
بالإضافة إلى المراقبة عبر الإنترنت، تخضع المحادثات الهاتفية أيضًا لمراقبة مكثفة. بموجب قانون مساعدة الاتصالات لإنفاذ القانون، يجب مراقبة جميع الاتصالات الهاتفية في جميع الأوقات. يمكن لبيانات الهاتف واسعة النطاق أن تكشف عن أنماط السلوك الاجتماعي، والتي تعكس، إلى حد ما، حياة الناس وأفكارهم. على سبيل المثال، ستقوم بعض شركات الهاتف في الولايات المتحدة، مثل AT&T وVerizon، بتقديم سجلات معلومات العملاء بشكل استباقي لتسهيل التحقيقات التي تجريها وكالات إنفاذ القانون.
إن تطوير تقنية مراقبة الصوت يسمح للحكومة بتفعيل ميكروفون الهاتف المحمول عن بعد لأغراض المراقبة دون إشعار المستخدم.
وفي مواجهة هذا الواقع، بدأت العديد من الشركات المصنعة للهواتف المحمولة تولي المزيد من الاهتمام لخصوصية المستخدم. على سبيل المثال، تم تصميم هاتف آيفون 6 من إنتاج شركة آبل بخصائص تشفير تجعل من المستحيل فك تشفير البيانات المتاحة لوكالات إنفاذ القانون بسهولة حتى في ظل المتطلبات القانونية، وهي الاستراتيجية التي تلقت استجابة إيجابية من المستهلكين بشكل عام.
ومع ذلك، فإن هذه التكنولوجيا المتطورة باستمرار أثارت المخاوف بشأن الخصوصية الشخصية. على سبيل المثال، وفقاً لبعض التقارير، طلبت وكالات إنفاذ القانون الفيدرالية في الولايات المتحدة ما يصل إلى 8 ملايين معلومة في عام معين، وقد لا يكون الكثير من هذه البيانات مرتبطاً بشكل مباشر بجرائم محددة. ونتيجة لذلك، فإن التدفق المستمر للمعلومات الشخصية من شأنه أن يجعل استخدام الموارد أكثر إثارة للجدل.
أما فيما يتعلق باستخدام كاميرات المراقبة فهي موجودة في كل مكان أيضًا. تستخدم العديد من المدن التصوير الفوتوغرافي في الأماكن العامة لمراقبة الجريمة بشكل فعال، ومع ذلك، فإن استخدام هذه التقنيات يأتي غالبًا في سياق انتهاكات الخصوصية. وخاصة في بعض البلدان مثل الصين، حيث تم وضع مئات الملايين من الكاميرات في الشوارع، بحيث تم دفع المراقبة الاجتماعية الشاملة إلى ذروتها.
في مواجهة تكنولوجيا المراقبة المتنامية، تظل العديد من المدن تطالب بشدة باستخدام التكنولوجيا لحل مشاكل الشرطة، ولكن ماذا يحمل المستقبل؟
على المنصات الرقمية، مكّن تحليل الشبكات الاجتماعية أيضًا من ظهور شكل جديد من المراقبة. يمكن أن تساعد المعلومات التي تحصل عليها الحكومات والشركات على وسائل التواصل الاجتماعي في إنشاء "رسم بياني للشبكة الاجتماعية" للتفاعلات بين الأشخاص، وقد تكون بعض الروابط المحتملة المتعلقة بالعواطف والاهتمامات الشخصية مخفية في هذه البيانات. في هذا السياق، تنكشف تفاصيل الحياة الشخصية بشكل سطحي في عملية المراقبة والتحليل المستمرين. وإذا انكشفت الخصوصية في أي وقت ولم تعد سرية، فهذه ظاهرة التلاعب غير المرئي.
كيف يمكننا تحقيق التوازن بين الصراع بين الأمن والخصوصية لحماية الحرية الشخصية؟
باختصار، لقد جلب تطور تكنولوجيا المراقبة راحة وتحديات لا يمكن تصورها إلى حياتنا. وبينما نستمتع بالحياة الرقمية، يتعين علينا أيضاً أن نفكر في المخاطر المحتملة التي قد تترتب على هذه التكنولوجيا. وقد تكون الكيفية التي تستطيع بها الحكومة والشركات حماية الأمن دون المساس بالخصوصية الشخصية مشكلة صعبة لابد وأن نواجهها في المستقبل. عندما نتواصل بحرية على وسائل التواصل الاجتماعي أو نسير في الشوارع، هل يجب أن ندرك أيضًا أن سلوكنا قد يتم تسجيله بطريقة ما أو حتى استخدامه لأغراض غير مناسبة؟