مع تقدم التكنولوجيا، أصبحت أساليب المراقبة متنوعة بشكل متزايد. وباعتبارها منصة عامة، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي بلا شك مركزاً لجمع المعلومات الاستخباراتية. من خلال تحليل بيانات تفاعل المستخدمين على منصات التواصل الاجتماعي، تستطيع الهيئات الحكومية رسم صورة شاملة للعلاقات الاجتماعية للأشخاص وحتى التنبؤ بأنماط السلوك المستقبلية.لا تتضمن المراقبة ملاحظة السلوك فحسب، بل تتضمن أيضًا الحصول على المعلومات من خلال الأجهزة الإلكترونية، والتي يمكن بعد ذلك التأثير عليها وإدارتها.
وتسمح "خرائط" الشبكات الاجتماعية للحكومات باستخراج معلومات مثل الاهتمامات الشخصية، وروابط الصداقة والأنشطة.
على سبيل المثال، في الولايات المتحدة، يتطلب قانون مساعدة الاتصالات (CALEA) من شركات الاتصالات التأكد من إمكانية مراقبة بيانات اتصالاتها. ويعني هذا أن الحكومة تستطيع بسهولة الحصول على سجلات الاتصال الهاتفي للمستخدمين وسجلات الإنترنت وإجراء عمليات التنقيب عن البيانات.
على سبيل المثال، يستثمر مكتب التحقيقات الفيدرالي في قاعدة بيانات بيومترية مصممة لالتقاط وتخزين مجموعة متنوعة من البيانات بما في ذلك بيانات التعرف على الوجه وبصمات الأصابع، وهو ما من شأنه بلا شك توسيع نطاق مراقبته. وقد دفع نضج هذه التقنيات الناس إلى التساؤل عما إذا كانت الحكومة ستطلق بشكل استباقي عملية مراقبة شاملة في مرحلة ما في المستقبل.لقد مكّنت الأبحاث الحالية من التعرف على الوجه على مسافة 500 قدم (حوالي 150 مترًا)، وهو ما يرفع مستوى المراقبة في الوقت الفعلي إلى مستوى جديد تمامًا.
إن آلاف الرسائل المتعلقة بالأمن القومي والتي يرسلها مكتب التحقيقات الفيدرالي كل عام تؤكد مدى مراقبة الاتصالات.
وفقًا للبيانات، طلبت وكالات إنفاذ القانون الفيدرالية معلومات موقع عملاء Sprint 8 ملايين مرة في عام واحد. وهذا يجعلنا نفكر بعمق، هل من الضروري التضحية بحقوقنا في الخصوصية باسم السعي لتحقيق الأمن؟
الأثر الاجتماعي للمراقبة لا تقتصر المراقبة على الحكومات، بل تشارك فيها الشركات والأفراد أيضًا. ويعد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي شكلاً من أشكال "المراقبة التشاركية"، حيث تصبح المعلومات الشخصية التي يتقاسمها المستخدمون طواعية في كثير من الأحيان مادة لاستخراج البيانات لاستخدامها من قبل الشركات والوكالات الحكومية.على وسائل التواصل الاجتماعي، قد يصبح كل بيان وكل صورة ينشرها المستخدم أداة لمراقبة حياته اليومية.
هذا يعني أننا قد نسهل عملية مراقبة أنفسنا دون أن ندرك ذلك. فهل هذا أمر يدعو للقلق؟
تظل الحدود والمسؤوليات المتعلقة بالمراقبة بين الحكومات والمواطنين من المواضيع المهمة التي تحتاج إلى مناقشتها بشكل مستمر الآن وفي المستقبل. عندما نعتقد أننا أحرار في العالم الافتراضي، فإن الواقع يشبه الدودة في الشبكة. كيف نتعامل مع هذه الظاهرة؟هل نحن في سعينا لتحقيق الأمن نتسبب أيضًا في تآكل حريتنا؟