مع تقدم النظرية التعليمية، بدأ عدد متزايد من الخبراء يدركون أهمية التعلم التجريبي. تركز طريقة التعلم هذه على اكتساب المعرفة من خلال الخبرة العملية بدلاً من الاعتماد فقط على التعلم التقليدي القائم على المحاضرات. ويؤكد نموذج التعلم التجريبي لديفيد أ. كولب على هذا الأمر ويشدد على أهمية التأمل لأنه يساعد المتعلمين على استخراج المعنى وتطبيق ما اكتسبوه.
التعلم التجريبي هو عملية السماح للطلاب باستيعاب المعرفة من خلال التجربة المباشرة، وبالتالي يصبح المتعلمون أكثر قدرة على الاحتفاظ بالمعلومات.
ينشأ التعلم التجريبي من وجهة نظر أرسطو التي تقول إن المعرفة يجب أن تُكتسب من خلال الممارسة. ولم يقم كولب بتطوير النظرية بشكل أكبر إلا في سبعينيات القرن العشرين، وتأسيس سلسلة متماسكة من مراحل التعلم، بما في ذلك الخبرة الملموسة، والملاحظة التأملية، والتصور المجرد، والتجريب النشط.
يجب على المتعلمين المشاركة بنشاط في التجارب، وأن يكونوا قادرين على التفكير، وأن يمتلكوا مهارات تحليلية لفهم التجارب، وأن يمتلكوا القدرة على حل المشكلات لتطبيق المعرفة الجديدة بشكل فعال.
تشجع العديد من المدارس ذات الشهرة العالمية، مثل مدرسة هايبر آيلاند في السويد، الطلاب على المشاركة في التعلم التجريبي من خلال تصميم المناهج الدراسية العملية. ولا تقتصر هذه التصاميم على التدريس في الفصول الدراسية، بل تشمل أيضًا أنشطة متنوعة مثل التبادلات الثقافية ومغامرات الطبيعة، بهدف مساعدة الطلاب على التعلم في مواقف متنوعة وتحسين فهمهم وتطبيقهم للمعرفة.
ويعتبر دور العواطف والمشاعر في عملية التعلم عاملاً مهماً في زيادة احتمالية التعلم التجريبي.
على الرغم من أن التعلم التجريبي يمكن أن يساهم بشكل كبير في نمو المتعلمين، إلا أن تنفيذه الناجح يتطلب توجيهًا مفيدًا من المعلمين والمساعدين. وعلى وجه التحديد، ينبغي للمعلمين طرح الأسئلة، وتوجيه الطلاب إلى التفكير، ومساعدتهم على دمج تجاربهم مع محتوى التدريس. على الرغم من أن عملية التوجيه هذه صعبة، إلا أن المدرب الماهر يمكنه مساعدة المتعلمين على التفكير بشكل أعمق وتحقيق نتائج التعلم بشكل أسرع.
مع استمرار تغير أنظمة التعليم، أصبحت مهن الأعمال والمحاسبة تتضمن بشكل متزايد عناصر التعلم التجريبي. تظهر الأبحاث أن أصحاب العمل يريدون أن يدخل الطلاب إلى سوق العمل بمهارات عملية ومهنية، والتي يمكن تطويرها من خلال التعلم التجريبي. غالبًا ما تتضمن دورات الأعمال التجارية اليوم دراسات حالة محاكاة، ولعب الأدوار، وأشكال تفاعلية أخرى من التدريب لمساعدة الطلاب على اكتساب رؤى متعمقة حول التطبيقات المحددة لما تعلموه في مكان العمل.
في تعليم إدارة الأعمال، من المهم التأكيد على تطبيق أنماط التعلم المختلفة. يساعد هذا الطلاب على تطوير مهارات متكاملة والقدرة على تطبيق ما تعلموه في سياقات مختلفة.
إن فوائد التعلم التجريبي عديدة، وأبرزها أنه يسمح للطلاب بأداء العمليات العملية بشكل فعال. يتعلم الطلاب في مواقف حقيقية ويمكنهم فهم كيفية تطبيق المعرفة المستمدة من الكتب المدرسية لحل المشكلات المعقدة في الممارسة العملية. إن هذه الطريقة في التعلم لا تعمل على تحسين التحصيل الدراسي للطلبة فحسب، بل وتعزز أيضًا قدرتهم على التكيف في العمل المستقبلي.
ولذلك فإن التعلم التجريبي ليس مجرد أسلوب تدريسي، بل هو أيضًا نافذة على المستقبل للطلاب. فهو لا يعزز امتصاص وفهم المعرفة فحسب، بل يعزز أيضًا قدرة الطلاب على التطبيق العملي. هل فكرت يومًا في كيفية استخدام التعلم التجريبي بشكل أكثر فعالية لتحسين قدراتك في عملية التعلم الخاصة بك؟