يعد تحديد هوية المتهمين بشكل خاطئ من قبل شهود العيان السبب الأكبر للإدانات الخاطئة على مستوى البلاد، حيث يؤثر على أكثر من 75 بالمائة من الإدانات التي تم إلغاؤها عن طريق اختبار الحمض النووي.
لاحظ قاضي المحكمة العليا الأمريكية الراحل ويليام جيه برينان الابن في عام 1980 أن أدلة شهود العيان مشكوك فيها بطبيعتها، ووصفها بأنها "مشكوك فيها بشكل سيئ السمعة". ولا ينطبق هذا الرأي على الولايات المتحدة فحسب. فقد ذكرت لجنة مراجعة القانون الجنائي في المملكة المتحدة أيضاً أن حالات تحديد الهوية الخاطئة "هي بلا شك السبب الأعظم للإدانات الخاطئة الفعلية أو المحتملة". تعكس هذه الانتقادات أنه عندما يقف شاهد مستقل على المنصة ويحدد هوية المتهم بطريقة مباشرة، فإن هذا الدليل يكون في كثير من الأحيان أكثر إقناعا من الأدلة الأخرى، حتى لو أثبت هذا الدليل براءة المتهم.
أسقط مشروع البراءة أحكاما صدرت بحق 214 رجلا أدينوا ظلماً استناداً إلى أدلة غير دقيقة من شهود عيان. وقد حظيت بعض هذه الحالات باهتمام إعلامي واسع النطاق بسبب ظروفها المروعة. في عام 1984، في جامعة ولاية جورجيا في ولاية كارولينا الشمالية، تعرضت الطالبة جينيفر تومسون للاعتداء والاغتصاب من قبل رجل في شقتها. لقد بذلت جهودًا كبيرة لحفظ وجه مهاجمها وحتى ساعدت الشرطة في رسم رسم تخطيطي للمشتبه به بعد ذلك. لسوء الحظ، كانت ذاكرة تومسون غير دقيقة، وانتهى بها الأمر إلى التعرف على رجل بريء - رونالد جونيور كوتون. ولم تؤد هذه الحادثة إلى الحكم على رجل بريء بالسجن لمدة 11 عامًا فحسب، بل إن تومسون نفسه شعر بالذنب العميق بسبب تحديد الهوية الخاطئ.
"لقد تعلمت كل التفاصيل، وعندما نجوت، تأكدت من إرساله إلى السجن ويتعفن هناك."
ونتيجة لذلك، ظهر الآن مجال فرعي لعلم النفس يدرس ذاكرة شهود العيان ويحلل الأسباب الجذرية لأخطاء التعرف على شهود العيان. وفي هذه الدراسات، اقترح العلماء أن هناك مجموعة متنوعة من العوامل التي تؤثر على دقة التعريف، والتي يمكن تقسيمها إلى "متغيرات النظام" و"المتغيرات المقدرة".
تظهر الأبحاث أن الإجراءات التي تستخدمها الشرطة في جمع أدلة شهود العيان يمكن أن يكون لها تأثير كبير على استنتاجات شهود العيان. وتسمى هذه العوامل الإجرائية بـ "متغيرات النظام". على سبيل المثال، عندما يكون المشتبه به غائباً عن تشكيلة التصوير الفوتوغرافي للشرطة، فمن المرجح أن يخطئ شهود العيان في التعرف على شخص آخر غير المجرم. وبالإضافة إلى ذلك، فإن تقديم تعليمات مسبقة لشهود العيان أثناء عملية تحديد الهوية يمكن أن يساعد في تقليل احتمالية وقوع الأخطاء.
"عندما لا يكون المجرم الفعلي موجودًا في تشكيلة كاميرات الشرطة، تزداد احتمالية التعرف الخاطئ من قبل شهود العيان بشكل كبير."
بالإضافة إلى متغيرات النظام، يمكن للعوامل البيئية أيضًا أن تؤثر على دقة شهود العيان. أظهرت الدراسات أنه في التعرف على الهوية بين الأعراق، يرتكب شهود العيان في كثير من الأحيان أخطاء في التعرف بسبب الاختلافات العرقية. وتسمى هذه الظاهرة بـ"اضطراب الهوية بين الأعراق"، ووجدت الدراسة أن نسبة أخطاء تحديد الهوية زادت بشكل كبير بغض النظر عن العرق.
أظهرت الدراسات أن شهود العيان أقل دقة بشكل كبير في تحديد المشتبه بهم من عرق مختلف عنهم.
بالإضافة إلى ذلك، يلعب الضغط العاطفي أيضًا دورًا مهمًا في التأثير على دقة ذاكرة شهود العيان. في المواقف عالية الضغط، قد تتأثر تحقيقات الشرطة مع الشهود بقلق الشهود، مما يؤدي إلى انخفاض كبير في دقة التعرف عليهم. توصلت الأبحاث التي تدعم هذه النقطة إلى أن اختبارات التعرف على هوية شهود العيان التي أجريت في ظل ظروف تتسم بضغط شديد، كان معدل التعرف الخاطئ على الأشخاص 68%.
ومع ذلك، فإن الجهود المبذولة لتحسين إجراءات التعرف على شهود العيان لا يمكن أن تمنع إدانة الأبرياء ظلماً فحسب، بل إنها تعمل أيضاً على تعزيز عدالة ومصداقية نظام العدالة الجنائية بأكمله. ومع تزايد وعي المجتمع بهذه القضية، هل سيكون من الممكن التوصل إلى إصلاحات أكثر فعالية في المستقبل حتى يتمكن النظام القانوني من حماية حقوق الإنسان للأشخاص الأبرياء بشكل أفضل؟