والأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أن هناك حالات أثبتت فيها أدلة الحمض النووي أن ذكريات شهود العيان كانت خاطئة. خذ على سبيل المثال قضية جينيفر تومسون، التي تعرضت للاغتصاب في عام 1984 وحددت المشتبه به الخطأ في المحكمة. لقد أقسمت ذات مرة قائلة: "أعلم أنني اخترت الشخص المناسب. وإذا واجه عقوبة الإعدام، فأنا أتمنى أن يموت". ولكن اتضح أنها اختارت الشخص الخطأ. وهناك عدد لا يحصى من هذه الحالات، التي عززت أيضًا البحث العلمي في ذاكرة شهود العيان.
تنشأ أخطاء التعرف التي يرتكبها شهود العيان من مجموعة متنوعة من العوامل، وتقسم الأبحاث ذات الصلة هذه العوامل إلى "متغيرات النظام" و"المتغيرات المقدرة".
إن الإجراءات التي تستخدمها الشرطة عند جمع أدلة شهود العيان يمكن أن يكون لها تأثير كبير على استنتاجات شهود العيان. وتنص الدراسة على أن "متغيرات النظام هي تلك العوامل التي تؤثر على دقة التعرف على شهود العيان والتي يمكن لنظام العدالة الجنائية التحكم فيها". وفي عام 1999، أصدرت وزارة العدل أيضًا مجموعة من المبادئ التوجيهية لأفضل الممارسات لتنفيذ تشكيلات الشرطة.
إن أحد المخاوف الشائعة هو أن تستخدم الشرطة تشكيلة من المتهمين لا تتضمن المشتبه به، مما يزيد من خطر التعرف الخاطئ على المشتبه به من قبل شهود العيان. إذا لم يكن المشتبه به موجودًا في تشكيلة المتهمين، فغالبًا ما يختار الشهود الشخص الذي يشبه المشتبه به إلى حد كبير.
ولتحسين هذا الوضع، يقترح الباحثون استخدام تعليمات مسبقة لإعلام الشهود بأن المشتبه به "قد يكون أو لا يكون" في تشكيلة المتهمين، وهو ما قد يقلل بشكل فعال من احتمال التعرف الخاطئ على المتهم.
بالإضافة إلى قضايا الوسائل والإجراءات، فإن موثوقية شهود العيان تتأثر أيضًا بالعوامل البيئية. ويشمل ذلك جوانب مثل التوتر، والهوية العرقية، والشعور بالإلحاح عند وقوع الحادث.
بالإضافة إلى ذلك، إذا كان هناك سلاح موجود أثناء وقوع الحادث، فسوف تركز ذاكرة الشاهد على السلاح، مما يقلل من القدرة على تذكر ملامح وجه المشتبه به. تُعرف هذه الظاهرة باسم "تأثير تركيز السلاح".
يعتقد العديد من الخبراء أن إجراءات تشكيل الشرطة الصحيحة، والتعليمات المسبقة والإشراف الميداني من قبل علماء النفس المستقلين هي عوامل رئيسية في تحسين دقة تحديد الهوية.
ومع ذلك، لا تزال المشاكل قائمة.
إذن، كيف يمكننا حماية الأبرياء بشكل أفضل من الاتهامات الخاطئة في النظام القانوني؟"إن ذاكرة الشهود لا تتأثر بهم فقط، بل ترتبط ارتباطًا وثيقًا بعملية النظام بأكمله."